محمد دهشة

كعكة الفقير ما عادت له وتخطّى سعرها الـ20 ألف ليرة

ظاهرتان في صيدا: شراء الذهب والصيرفة غير الشرعية

24 آب 2022

02 : 01

إقبال على شراء الذهب

يتوجس الصيداويون خوفاً من شبح الفراغ الرئاسي مجدداً، مع قرب إنتهاء عهد الرئيس ميشال عون، في نهاية تشرين الاول المقبل، ويعيشون خلال الاشهر القليلة المتبقية المزيد من القلق مع فشل المساعي لتشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، يعتقدون انها اشهر صعبة ومريرة، وقد تحمل المزيد من الانهيار والازمات السياسية.

في أسواق صيدا، يكسر صوت بائع الكعك الستيني «ابو علي» رتابة الجمود اليومي، يقول لـ»نداء الوطن»: «حتى الكعك لم يعد بمتناول الجميع، بات سعر الكعكة بنحو عشرين ألف ليرة لبنانية والطلب عليها قليل خلافاً للسابق حيث كانت الكعكة للفقير، كنت أصنع أكثر من مئتي كعكة، الآن خمسين وبالكاد تباع».

وفي الأسواق ذاتها فقد أبناء المدينة الأمل من وقف التردي المعيشي، تفاقمت معاناتهم كما باقي اللبنانيين في مختلف المناطق، ارتفعت نسبة البطالة فانتشرت ظواهر كثيرة بعضها في سباق مع الفقر المدقع، فامتهن الكثير جمع الخردة من حاويات النفايات في الشوارع والأحياء لسد الرمق وتأمين قوت اليوم، وظهرت بسطات الخضار وعرباتها الجوالة بكثرة، وبعضها الآخر الاولى من نوعها وأبرزها على الاطلاق الصرافين غير الرسميين، الذين ينتشرون في شارع رياض الصلح، قبل ان يتوسعوا حضوراً في كافة الاماكن، عند ساحات «النجمة، الشهداء والقدس» ومستديرات «القناية ومرجان والبهاء» وسواها، وغالبيتهم مياومون بالاجرة يقومون بشراء العملات وتبديلها لمصلحة شركات او مكاتب صيرفة من دون الإفصاح عن ذلك.

واللافتُ في أمرهم في بداية مزاولة المهنة فوضى كبيرة في سوق الدولار، وتفاوت الاسعار بين صراف وآخر في محاولة للشراء، ولكن في الفترة الاخيرة كأنهم اتفقوا على توحيد السعر بالناقص عن سعر المنصة غير الرسمية ما بين 300 -500 ليرة لبنانية، كما ان اللافت هو وقوع اشكالات بينهم بين الحين والآخر، فيما لم تنجح عملية ضبط هذه الظاهرة رغم مطاردتهم غير مرة من أكثر من جهاز أمني وخاصة مديرية أمن الدولة وقد اوقفت عدداً منهم قبل ان يطلق سراحهم شرط عدم العودة الى العمل مجدداً.

يقول عز الدين بتكجي: «طبيعي ان الازمة ولّدت مهناً جديدة ومنها الصيرفة غير الشرعية، كثير من الناس باتت تفضل صرف العملة الاجنبية عندهم لانهم يحصلون على سعر اعلى من محلات الصيرفة الرسمية، فيما الواقع مغاير لذلك تماماً لان بعضهم يتفق معها ويعمل لصالحها او لصالح شركات كبيرة تبيع بالعملة اللبنانية وتشتري بالدولار، مثل محطات الوقود او السوبرماركت وغيرهما».

مقابل هذه الظاهرة، ثمة أخرى تلفت الانتباه، الاقبال على شراء الذهب على نقيض الازمة، حيث تشهد محال المدينة ازدحاماً غير مسبوق وخاصة مع انخفاض سعره عن السابق بسبب ارتفاع قيمة الدولار الاميركي عالمياً امام باقي العملات نتيجة رفع الفائدة في المصارف، وتقول اوساط مطلعة لـ»نداء الوطن» إن الناس التي تملك اموالاً باللبناني او الدولار فضلت شراء الذهب كملاذ آمن لحفظ اموالهم لتفادي صرفها سريعاً او خشية السرقة او بهدف الربح مستقبلاً، ناهيك عن بعض الطلب للافراح كالخطوبة والزواج والهدايا لبعض الميسورين او المغتربين الذين وفدوا الى لبنان لقضاء اجازة الصيف وسط ذويهم واقاربهم واصدقائهم.

وتقول الحاجة سعاد الشامية لـ»نداء الوطن»: «في لبنان فقط ترى بأم العين الحياة المتناقضة بين الفقر المدقع في خضم استفحال الازمة المعيشية والبحث عن لقمة عيش كريم، وبين شراء الذهب كنوع من الرفاهية والترف، في لبنان فقط تعودت الناس على الازمات، تبتكر الحلول لها او تتأقلم معها، في لبنان فقط قد يصبح أي شيء عادياً».


MISS 3