في الفترة الأولى من تفشي فيروس كورونا عالميا خلال ربيع هذا العام، برزت إيران بسرعة كواحدة من أكثر البلدان تضررا من الوباء. منذ ذلك الحين، بذلت السلطات الإيرانية جهودا كبيرة لتقليل مدى الاضطراب الداخلي الذي سببه المرض، وتحركت مبكرا لإعادة فتح الاقتصاد الوطني. ومع ذلك، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن نتائج هذه السياسات كانت مدمرة.
في 18 يوليو، ألقى الرئيس الإيراني حسن روحاني خطابا كشف فيه علنا، واستنادا إلى إحصائيات الحكومة الإيرانية الداخلية، أن ما يصل إلى 25 مليون شخص ـ أو ما يقرب من ثلث سكان البلاد البالغ عددهم حوالي 85 مليون ـ أصيبوا بـ "كوفيد-19" حتى الآن، وتوفي حوالي 70 ألفا بسبب المرض.
وقال الرئيس الإيراني في تعليقات نقلتها مصادر إعلامية حكومية: "قدر تقرير قسم الأبحاث بوزارة الصحة أن 25 مليون إيراني أصيبوا بالمرض حتى الآن". علاوة على ذلك، وبحسب روحاني، فإن الأسوأ لا يزال لم يأت بعد. وتوقع أن يعالج في المستشفيات في المستقبل القريب "ضعف العدد الذي شهدناه في الـ 150 يوما الماضية".
المعلومات التي كشفها روحاني تزيل الادعاءات الوردية نسبيا فيما يتعلق بفيروس كورونا التي حاول النظام الإيراني تسويقها منذ الربيع الحالي. وحتى أواخر يوليو، تفاخرت تقديرات وزارة الصحة الإيرانية ومصادر رسمية أخرى بأن أقل من 300 ألف إيراني أصيبوا بالمرض، وأن أقل من 14 ألفا توفوا بسببه. لطالما اشتبهت المعارضة في أن هذه الأرقام كانت أقل من الواقع الحقيقي للوباء في الجمهورية الإسلامية. لقد ساعد روحاني في إثبات صحة تقديرات قوى المعارضة.
ومن الجدير بالذكر أيضا، أن روحاني توقع حصول موجة ثانية من فيروس كورونا، وارتفاع في الإصابات والوفيات الجديدة. في وقت سابق من هذا الشهر، وعلى سبيل المثال، كشفت وزارة الصحة في البلاد أن إيران تواجه بالفعل نقصا حادا في العاملين في المجال الطبي وفي المستشفيات. ولكن من المرجح أن يزداد هذا الوضع سوءا في المستقبل القريب، حيث أشار روحاني في خطابه يوم 18 يوليو إلى أن ما يصل إلى 35 مليون مواطن يمكن أن يصابوا بالمرض في الأسابيع المقبلة. إذا حدث ذلك، فهذا يعني أن 70 في المئة من سكان الدولة بأكملها (60 من أصل 85 مليون إيراني) انتهى بهم الأمر إلى الوقوع فريسة للوباء.
وهذا بدوره، يعكس فشل الحكومة بشكل كبير. منذ البداية، كان رد إيران الرسمي على فيروس كورونا سياسيا أكثر منه صحيا وتوعويا. في المراحل الأولى من الوباء، ترددت السلطات في عزل المراكز الدينية في البلاد، وفشلت في إغلاق سبل العدوى المحتملة من الخارج، واختارت إعادة فتح الاقتصاد الوطني في وقت مبكر جدا. في الوقت نفسه، رفضت سلطات النظام بعض عروض المساعدة (بما في ذلك من الولايات المتحدة)، وصاغت نظريات المؤامرة فيما يتعلق بأصل الفيروس، وشنت حملة تضليل ضخمة تهدف إلى تغطية استجابتها الضعيفة للمرض.
كانت العواقب كارثية حقا، ووضعت البلاد على مسارها الحالي للعدوى الجماعية والوفيات.
على ما يبدو، وكما هو متوقع، فإن النظام الإيراني يبدو الآن أكثر اهتماما بمكافحة الأضرار بدل الاستجابة الوطنية الجادة. وفي أعقاب كشف روحاني للمعلومات المحرجة، سعت وزارة الصحة في البلاد إلى التقليل من شأن الأرقام المذهلة على أنها شاملة للغاية، وضمت "المرضى الذين تأثروا بشكل خفيف والذين... لم يكونوا بحاجة إلى طلب المشورة الطبية".
ربما يكون الأمر كذلك، ومع ذلك، فإن الصورة العامة مدمرة. بعد ستة أشهر من انتشار الوباء العالمي، يبدو أن السلطات الإيرانية قد خلصت إلى أنها لا تملك القدرة ـ أو الكفاءة ـ لمكافحة المرض بشكل فعال. وبدلا من ذلك، فإنها تكتفي الآن ببساطة بالتشويش حتى تنتهي دورة الفيروس. وكالعادة، فإن ضحايا هذا الفشل سينتهي بهم المطاف بأن يكونوا الشعب الإيراني نفسه.