محمد دهشة

"فتح" تعضّ على الجرح وتتجاوب... و"حماس" تُطمئِن

8 آب 2023

02 : 00

عودة النازحين

كشفت مصادر فلسطينية لـ»نداء الوطن» أنّ حركة «فتح» تجاوبت مع المطالب اللبنانية الرسمية بالعضّ على جراحها وعدم الإنجرار إلى جولة جديدة من الاشتباكات في مخيم عين الحلوة، على خلفية أنّ المرحلة التي يعيشها لبنان لا تتحمل المزيد من التوتير عقب التحذيرات التي أطلقتها بعض السفارات العربية لمواطنيها بتجنب السفر إلى لبنان أو مغادرته أو بلوغ الاستياء اللبناني السياسي ذروته.

تجاوب «فتح» مع المطالب التي عبّر عنها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال اجتماعه مع عضو اللجنة المركزية لـ»فتح» والمشرف على الساحة اللبنانية عزّام الأحمد، بمشاركة السفير أشرف دبور وأمين سرّ الساحة فتحي أبو العردات، وتخلله اتصال مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، ترجم في البيان التي أصدرته هيئة العمل المشترك الفلسطيني في لبنان بعد ساعات وصياغته بعبارات واضحة وحاسمة لجهة تثبيت وقف إطلاق النار الشامل والدائم.

ووفق المصادر الفلسطينية، فإنّ تجاوب «فتح» التي تلقت ضربة قوية باغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا أبو أشرف العرموشي وأربعة من مرافقيه، قابله في الوقت نفسه موقف حاسم في إصرارها على استمرار لجنة التحقيق التي شكّلتها «الهيئة» في عملها، لتحديد المتورّطين في اغتيالهم، وكذلك في اغتيال عبد الرحمن فرهود، وتسليمهم إلى القضاء اللبناني بأسرع وقت.

وبين التجاوب والإصرار، توقّعت المصادر أن تكون عودة الحياة في المخيم إلى طبيعتها بطيئة وتدريجية ارتباطاً بحجم الخسارة الفتحاوية من جهة، وبما تنجزه لجنة التحقيق من جهة أخرى، وسط مخاوف جدية من العودة إلى معادلة المربّعات الامنية مجدّداً وحتى اشعار آخر ليبقى الأمن هشّاً وقابلاً للتوتير مع أي اشكال أو احتكاك جديدين.

ميدانياً، بدأ المخيم يلملم جراحه على وقع استمرار الهدوء التام الذي ساده منذ ايام التزاماً باتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنته «هيئة العمل المشترك» الفلسطيني في لبنان، بعد الإشتباكات التي دارت بين «فتح» و»الناشطين الإسلاميين» وأسفرت عن سقوط 12 قتيلاً وأكثر من 65 جريحاً.

إستمرار الجهود

وشهد اليوم الفلسطيني تطورين بارزين، الأول: عودة النازحين إلى المخيّم ، والثاني استمرار الجهود السياسية لتحصين وقف إطلاق النار، وقد ميزته جولة قام بها وفد قيادي من «حماس»، حاملاً رسالة طمأنة إلى القوى الصيداوية باحتواء الإشتباكات والعمل على تطويق تداعياتها بتعاون فلسطيني مشترك وبتنسيق لبناني سياسي وأمني.

وسمح الهدوء بعودة النازحين إلى منازلهم في المخيم منذ ساعات الصباح الأولى، وخاصة أولئك في مدرستي «الأونروا» في صيدا والمية ومية، في وقت سجلت فيه عودة مماثلة لعائلات نزحت إلى ذويها وأقاربها وأصدقائها في صيدا ومنطقتها، وبعضها فضّل التريث بانتظار المزيد من الوقت لتنفيس الاحتقان.

ونشطت الحركة في كثير من أحياء المخيم وخاصة في الشارع التحتاني وسوق الخضار وتلك التي لم تشهد أي جولات من الاشتباكات، وبقيت منطقتا الطوارئ والشارع الفوقاني المقابل استثناء، مع إبقاء الدشم واستمرار إقفال الطرقات المؤدية إليها، بينما فتح الجيش اللبناني كل الطرقات المؤدّية إلى المخيم أمام حركة السيارات بعدما كانت محصورة بالمشاة. وتفقدت العائلات ممتلكاتها وتبين أن الاضرار جسيمة وخاصة في مناطق: التعمير والطوارئ وعكبرة والصفصاف في الشارع الفوقاني وحي حطين عند الطرف الجنوبي، وعبّر المتضرّرون عن استيائهم ممّا حصل وطالبوا بإجراء مسح سريع للتعويض عليهم، كي يتمكّنوا من ترميم منازلهم وإصلاحها سريعاً قبل حلول فصل الشتاء.

وحرص أصحاب المحال التجارية على ازالة الأضرار واصلاح الأعطال وخاصة في شبكتي الكهرباء والمياه، وأعطت وكالة «الأونروا» قرارا لعمّال النظافة فيها برفع النفايات في الأماكن التي لم تشهد الاشتباكات، بينما أوكلت المهمة إلى مقاول خاص في باقي المناطق، على أن تقرّر اعادة فتح مؤسساتها الخدماتية الصحية والاجتماعية تدريجياً بعد تقييم الأوضاع الميدانية.

سياسياً، جال وفد من «حماس» برئاسة ممثّلها في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي يرافقه أعضاء القيادة السياسية جهاد طه، أيمن شناعه، أبو أحمد فضل، عبد المجيد العوض، على القوى السياسية في صيدا، حيث التقى مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، النائبين الدكتور عبد الرحمن البزري والدكتور أسامة سعد، نائب رئيس المكتب السياسي لـ»الجماعة الإسلامية» في لبنان الدكتور بسام حمود، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد سهيل حرب وممثّل حركة «أمل» بسام كجك ومسؤول «حزب الله» في منطقة صيدا الشيخ زيد ضاهر.

وحمل عبد الهادي رسالة مفادها أنّ الجهود الفلسطينية المشتركة نجحت في احتواء اشتباكات عين الحلوة، مؤكداً حرص «حماس» على أمن واستقرار المخيم والجوار، ووصف لـ «نداء الوطن» العلاقة مع «فتح» بأنها متينة وقوية ومبنية على تحقيق مصلحة شعبنا في لبنان، مشيراً إلى «انه منذ اللحظة الاولى للاشتباكات هناك تنسيق دائم مع مسؤوليها في لبنان وعلى المستوى القيادة المركزية من أجل وقفها، ولا يوجد أي مشكلة بيننا وبين الإخوة في حركة «فتح» وإنّما كنا نسعى مع بعضنا البعض لإنهاء الاشتباكات، وما زال التواصل قائماً لتطبيق بنود الاتفاق».

بدوره، أكّد المفتي سوسان حرص صيدا وقواها السياسية على حفظ أمن واستقرار المخيم وعلى احتضان القضية الفلسطينية وحقوق شعبها، مشدداً على أهمية تثبيت وقف إطلاق النار والعمل على وقف الصراع «لأن هذه المعارك عبثية ولا تخدم القضية الفلسطينية»، داعياً كل المؤسسات الإغاثية اللبنانية والفلسطينية والدولية «إلى التحرك العاجل لإغاثة أهلنا في المخيم والتعويض عليهم»، كما دعا الجميع الى العودة إلى المخيم.


MISS 3