سياسة تعيين المتعاقدين في الوظيفة العامة في لبنان: مثال المعلمين الرسميين

سياسة تعيين المتعاقدين في الوظيفة العامة في لبنان: مثال المعلمين الرسميين
إعداد: د. عدنان الأمين
خبير لدى الأونيسكو واستاذ جامعي

أخرجت تحرُّكات المياومين ومطالبهم في مؤسسة كهرباء لبنان إلى النور قضيَّتين اثنتين:

- التحرّك المطلبي من أجل تعيين مجموعة من المتعاقدين في الوظيفة العامة.

- تطويع القانون عن طريق جعل شروط التعيين في الوظيفة العامة مطابقة أوضاع أصحاب التحرّك الخاصة. ويتم ذلك في إطار من المناخ السياسي الداعم للتحرك ولتطويع القوانين.

 

في الفترة نفسها تحرَّك كتَّاب العدل مطالبين بعدم إجراء مباراة للمكلّفين مؤقتًا القيام بدور كتَّاب عدل تؤدي إلى تعيينهم كتَّاب عدل أصيلين، وبعدم تطويع القانون لمصلحة هؤلاء وخارج القوانين النافذة التي تفرض إجراء مباراة مفتوحة. وحجَّة كتَّاب العدل هي أن تطويع القانون على هذا النحو يضرب مبدأي الاستحقاق والمساواة أمام القانون، ويعرّض كتَّاب العدل لمخاطر فوضى المهنة. غير أن المكلَّفين كانوا يضغطون سياسيًا لتمرير قانون يرتّب أوضاعهم. وفي حين قام المياومون في مؤسسة كهرباء لبنان بتحرّكات شعبية ونزلوا إلى الشارع ومارسوا ضغوطًا عملية عليها وعلى جملة المواطنين، فضلاً عن الضغوط السياسية المكشوفة أو التي ما وراء الجدران والظهور الإعلامي، فإن كتّاب العدل إكتفوا بالمفاوضات والضغوط السياسية والظهور الإعلامي[1]. والفارق يُعزى طبعًا إلى أن كتَّاب العدل ينتمون إلى حقل المهن الحرة (كالطبابة والصيدلة والمحاسبة) في حين أن الجباة متعاقدون ينتمون إلى الحقل النقابي ويستهدفون حقل الوظيفة العامة.

 

لا شك أن لأصحاب التحرّك، المطالبين بالتعيين عن طريق استصدار قانون ينصفهم، حقوقًا إجتماعية إكتُسِبت نتيجة العمل خلال سنوات عديدة في المهنة، لكن تلبية هذه الحقوق شيء وتطويع القانون العمومي طبقًا لأوضاع خصوصية شيء آخر يفتح الباب أمام ميوعة المهنة، وميوعة نطاق الدولة وما تمثّله من حقًّ عام ومؤسسات وقوانين واستحقاق ومساواة أمام القانون. نحن أمام مسألة نزاع مستحكم بين منطق السياسة الأهلية (التحركات الشعبية والخاصة بجماعات معيّنة والمسنودة سياسيًا) من جهة، ومنطق السياسة العامة للدولة من جهة ثانية.

 

نتوقَّف في هذا المقال عند حالة ثالثة أكثر تجذُّرًا في التاريخ الحديث للوظيفة العامة في لبنان، وهي حالة المعلِّمين الرسميين الذين يعيّنون عن طريق «الخط السريع»، أو «الخط العسكري»، كما شاع استعمال الكلمة في فترة الحرب لتسهيل مرور غير العسكريين، ألا وهو خط التعاقد. لقد بدأ النزاع بين المنطقين في ثمانينيات القرن الماضي وانتهى بانتصار منطق السياسة الأهلية، وليس ما يشير في الأفق إلى عودة قريبة إلى منطق السياسة العامة. بل يمكن الادعاء أن ما تشهده اليوم قطاعات أخرى من تحرّكات ليس حالة عارضة بل هو نتاج طبيعي للمناخ العام في إدارة شؤون الدولة الذي يعود في جذوره إلى سبعينيات القرن الماضي. إن ما نشهده اليوم في قطاعات أخرى هو حالات «مكثّفة» لحالة قطاع المعلمين التي امتدت على ثلاثة عقود. ومن المرجح بالتالي أن نشهد تحرّكات مماثلة في قطاعات أخرى في السنوات القادمة إستنادًا إلى المناخ السياسي القائم.

 

يهدف هذا المقال إلى وصف نشوء ظاهرة التعاقد ومخاض تطوّرها وتحليلها حتى رسوخ سياسة التعيين على أساس التعاقد في قطاع التعليم الرسمي كخط رئيس للالتحاق بالوظيفة العامة من خلال التشريعات المتلاحقة. وبسبب ضيق المجال فلن يتطرَّق المقال إلى نتائج هذه السياسة الجديدة (على نوعية التعليم) ولا إلى أدوار سائر اللاعبين في صناعة هذه السياسة.

 

أولا: نظام الشأن العام ما قبل الحرب

كان التخرّج من دار المعلمين الابتدائية هو القاعدة في تعيين المعلمين الرسميين للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة في لبنان. وكان التخرّج من كلية التربية هو القاعدة في تعيين الأساتذة الثانويين، و«إعداد المعلمين» من شروط التعيين. ويتم الدخول بمباراة إلى مؤسسات الإعداد حيث التخرُّج سنويٌّ يعيَّن بعده المتخرّجون الناجحون فيها آليًا.

 

دور المعلِّمين الابتدائية

أنشئت دار المعلمين والمعلمات في بيروت العام 1931، في إبان الانتداب الفرنسي، وظلَّت وحيدة حتى العام 1954-1955. في الستينيات، خلال الفترة الشهابية، أنشئت ست دور إضافية في: طرابلس (1960)، زحلة (1960)، صيدا (1961)، جونيه (1963)، الأشرفية (1966)، النبطية (1966)، فارتفع بذلك عدد طلاب دور المعلمين من 114 العام 1954-1955 إلى 1859 العام 1966–1967، وارتفعت بالتالي حصة الإناث منهم من %22 إلى %43.

 

العام 1967 أجرت وزارة التصميم العام دراسةً حول مدى الحاجة إلى خرِّيجي دور المعلمين إستنادًا إلى الاتجاهات الملاحظة منذ العام 1960، فتبيّن أن ثمة حاجة إلى 750 معلمًا سنويًا خلال السنوات الأربع التالية (حتى العام 1971). وبحسب الدراسة، تستطيع دور المعلمين تأمين هذا العدد بالكامل إبتداءً من العام 1971 فتنتفي الحاجة إلى حاملي «الشهادة الابتدائية العالية» (المتوسطة، أو البريفيه)[2]، أي أنه كان المتوقَّع أن تسدَّ دور المعلمين من خرِّيجيها حاجة المدارس الرسمية.

 

كانت دور المعلمين تابعة لـ «مصلحة إعداد المعلمين» في «وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة». العام 1971 أنشئ «المركز التربوي للبحوث والإنماء»، الذي أصبح مسؤولاً عن إعداد معلمي المرحلتين الابتدائية والمتوسطة وتدريب جميع معلمي التعليم العام، فضلاً عن مهمات أخرى مثل وضع المناهج والتخطيط والقيام بالإحصاءات وغيرها[3]. وحينذاك كان إنشاء المركز علامة فارقة لأنه أخرج عددًا من الصلاحيات الأساسية للمدير العام الفرنكوفوني ووضعها تحت سلطة رئيس مركز أنغلوفوني، ولعل ذلك تمَّ في غمرة تصفية الحسابات مع الإرث الشهابي التي قادها رئيس الجمهورية في ذلك الوقت. وكان لذلك استتباعات ظهرت في النزاعات التي سادت العلاقة بين المديرية العامة والمركز خلال السبعينيات والثمانينيات.

 

لم يغيّر الرئيس الأول للمركز التربوي وجهة التعليم من الفرنكوفونية إلى الأنغلوفونية خلال السنوات التي قضاها في مركزه، ذلك أن مناهج التعليم العام كانت قد صدرت العامين 1968 و1971، أي عشيَّة تعيينه، كما لم يغيِّر هيكلية التعليم، لكنه أحدث تغيّرات جدية في إعداد المعلمين والبحث التربوي والاحصاءات والتخطيط.

 

فبعد عقود على نظام الثلاث سنوات التي تلي المرحلة المتوسطة، تمَّ تحويل إعداد المعلمين الابتدائيين إلى نظام السنة الواحدة التي تلي المرحلة الثانوية. وهذا ما أوجب تغيير مناهج دور المعلمين والمعلمات كليًا بحيث تقتصر على ما هو تربوي، باعتبار أن ما هو غير تربوي تم تعلّمه خلال المرحلة الثانوية. والمواد التربوية لم تعد هي نفسها، بل تغيَّرت ووضعت مقرَّرات جديدة لها كتبها أساتذة جامعيون مشهود لهم. وأصبح خرِّيجو دور المعلمين يحملون «البكالوريا التعليمية».

 

في هذه الفترة أيضًا تمَّ إنشاء دار المعلمين المتوسطةحيث مدة الدراسة سنة واحدة تربوية أيضًا، ويتابعها من أنهى بنجاح سنتين جامعيتين في الاختصاص المطلوب.

 

مع نشوب الحرب تعطّل العمل في دور المعلِّمين خلال العامين 1975 و1976، ليُستأنف لاحقًا وتتخرَّج في الدور أفواج جديدة من المعلِّمين وبصورة شبه منتظمة. لكن التعاقد، الذي كان رافد التعيين حتى هذا التاريخ، أصبح تحت ضغط ظروف الحرب نهرًا جارفًا، ما أدى إلى إحاطة نظام إعداد المعلمين في الدور بمحيط منافس.

 

الوجود الهامشي للمتعاقدين

يعود التعاقد مع المعلِّمين إلى الخمسينيات من القرن الماضي.فلقد صدر العام 1961 مرسوم[4] أجاز لوزارة التربية الوطنية أن تتعاقد مع أشخاص من حملة الشهادة الابتدائية العليا (المتوسطة)، على الأقل، للتدريس في عدد من القرى النائية. وبعد سنوات طويلة من التعاقد الذي كان يجدَّد سنة فسنة، أخذ المتعاقدون في القرى النائية يقومون بالمراجعات والاتصالات لتثبيتهم في الملاك. واستمرّت المراجعات حتى العام 1973 في حين بادرت الحكومة إلى وضع مشروع قانون معجّل يرمي إلى تثبيتهم، ثم وضعته موضع التنفيذ بمرسوم[5].

 

وما بين العامين 1971 و1975 أصدر مجلس الوزراء عددًا من القرارات التي أجازت لوزارة التربية الوطنية التعاقد مع حملة شهادة البكالوريا - القسم الأول لتأمين التدريس في المدارس الابتدائية والمتوسطة في عدد من المناطق. وبعد عدة سنوات من التعاقد، واستجابة لمطالب هؤلاء المتعاقدين، أحالت الحكومة على المجلس النيابي مشروع قانون معجلاً يرمي إلى تعيين المتعاقدين المشار إليهم في الملاك[6].

 

في الفترة نفسها، في السبعينيات، تعاقد مجلس الجنوب مع عدد من المدرِّسين لتلبية حاجات مدارس بعض قرى الجنوب النائية بالاستناد إلى قرارات صادرة عن مجلس الوزراء إبتداءً من 1/9/1971. وبعد سنوات من التعاقد، أخذ هؤلاء المدرِّسون يطالبون بالتثبيت، فوُضع مشروع لهذه الغاية العام 1975 إلا أنه لم يأخذ طريقه إلى التنفيذ. والعام 1977 صارت وزارة التربية الوطنية تتعاقد مع أولئك المدرّسين بدلاً من مجلس الجنوب، إلا أن أوضاعهم بقيت على حالها حيث لم يكونوا يستفيدون من أي زيادة دورية على أجورهم، ولا من التقديمات التي يؤمّنها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة. حيال هذا الواقع، إستطاع المتعاقدون المعنيون بمراجعاتهم المتكرِّرة أن يقنعوا المسؤولين بعدالة قضيتهم، فأحالت الحكومة بتاريخ 17/7/1980 مشروع قانون على المجلس النيابي بشأن تثبيتهم. وقد صدر هذا القانون بالفعل العام التالي متضمِّنًا أحكام تعيينهم[7].

 

في كل هذه الفترات، طوال الستينيات ومطلع السبعينيات، ظلَّ حجم المتعاقدين في صفوف الهيئة التعليمية محدودًا جدًا. فمن أصل 18 ألف معلم لم يتجاوز عدد المتعاقدين العام 1974-1975 الأربعماية متعاقد (أو %2.2).

 

إعداد الأساتذة الثانويين

كانت «دار المعلمين العليا» (1951)، التي سُمِّيت لاحقًا «المعهد العالي لإعداد المعلمين» (1953)، أول كلية أنشئت في الجامعة اللبنانية. وتؤرّخ المراجع إنشاء الجامعة اللبنانية بتاريخ إنشاء هذه المؤسسة (1951) التي أصبحت تسمّى «كلية التربية» إبتداءً من العام 1967.

 

كان نظام الإعداد في كلية التربية يقوم على إجراء مباراة دخول، ثم دراسة مدتها خمس سنوات (أربع سنوات إجازة في الاختصاص وسنة كفاءة في التعليم الثانوي) تمزج في الوقت نفسه بين التخصّص في مادة معيّنة (رياضيات أو لغة عربية أو غيرها) ودروس بيداغوجية (أصول تعليم المادة) على أن تُقدَّم منحة دراسية للناجحين المتابعين، وأخيرًا يُعيَّن الناجحون المتخرِّجون آليًا في الثانويات الرسمية وفق الحاجة. وقد ساهم هذا النظام، المعتمد على المساواة والإعداد الجامعي التربوي المسبق، في تزويد التعليم الثانوي الرسمي طاقات شابة وكفيَّة رفعت من شأن المدرسة الرسمية الثانوية خلال عقود من الزمن.

 

ظلَّ هذا النظام معمولاً به حتى العام 1979 حين قرَّر المشترع أن تعمل الكليَّة بحسب نظامٍ ثانٍ يقوم على منح شهادة الكفاءة في التعليم الثانوي فحسب، بعد سنتين دراسيتين لمن ينجحون في مباراة بين حملة الإجازة[8]. لكن الجديد في هذا الأخير أمران في غاية الأهمية: أولهما أن مباراة الدخول يجريها مجلس الخدمة المدنية (بدلاً من الكلية في النظام السابق)، وثانيهما أن الطالب الذي يلتحق بالكلية لم يعد طالبًا بل أصبح موظفًا يتقاضى راتبًا (أستاذًا ثانويًا متمرنًا)[9]. إن إحلال «موظفين» محل «طلاب» ترك آثارًا سلبية على التعليم في الكليَّة لأن التعامل مع الموظفين غير التعامل مع الطلاب، ورفع من جهة ثانية المعدل العمري للطلاب. وهذا ما أدى إلى أن تغلب على «الطلاب الموظفين» سمات أرباب الأسر، المقيّدين بظروف إجتماعية معيّنة، المتقدِّمين في العمر، الامتثاليين في علاقاتهم مع مدرِّسيهم والحسَّاسين بشدة لتقييم الامتحانات ونتائجها ذات الأثر المحتمل على مداخيلهم وواجباتهم الاجتماعية في الإعالة.

 

واقع الحال، أن النظام الثاني لم يكن عمليًا قط، لأنه استتبع كلية التربية وربط الالتحاق بها بما يقرِّره مجلس الوزراء حول الحاجة إلى تعيين أساتذة ثانويين سنويًا. في حين أن النظام الأول كان يحفظ إستقلالية الكليَّة، ويوفّر تدفقًا طبيعيًا سنويًا للطلاب إليها والمتخرِّجين فيها الذين تأخذ منهم الوزارة حاجتها. وعندما أصبحت على هذا النحو، تابعة الوزارة ومجلس الوزراء في تغذيتها بالطلاب، تعرَّضت لتعطيل في وظيفتها الإعدادية لأول مرة في تاريخها: فلقد طُبِّق التشريع الجديد فور صدوره والتحق بالكلية فوج أول العامين 1980–1981، ثم نام عشر سنوات ليُطبَّق مرة ثانية مع فوجٍ ثانٍ إلتحق بالكلية العامين 1988–1990، ثم نام مجدَّدًا نومًا أبديًا حتى يومنا هذا لأن نظامًا ثالثًا حلّ محله.

 

أما التعاقد بالساعة للتدريس في المدارس الثانوية فهو أيضًا قديم العهد إذ تعتمده وزارة التربية الوطنية منذ زمن طويل، إستنادًا إلى نصوص قانونية[10]، لتأمين حاجاتها إلى أساتذة ثانويين. وكان يتم، بمعظمه، مع أساتذة التعليم الثانوي والمعلِّمين والمدرِّسين وسائر الموظفين من دون أن تنشأ حوله مشكلات معيَّنة أو تُطرح بشأنه مطالب محدّدة باستثناء ما يتعلَّق بمقدار أجر ساعة التدريس.

 

ثانيًا: أزمة تعيين المعلِّمين تحت وطأة الحرب

حصل تحوّل دراماتيكي في توزيع المعلِّمين بعد نشوب الحرب نتيجة الانتقال القسري للمعلِّمين من المناطق التي يعلّمون فيها إلى مناطق سكنهم الأصلي، أو إلى العاصمة، بسبب تردِّي الأوضاع الأمنية، أو بحجة تردِّيها، الأمر الذي أدَّى إلى إفراغ عدد كبير من المدارس من المعلِّمين، وتراكم هؤلاء في مدارس أخرى. هذا الوضع الناشئ سبَّب تحوّلاً دراماتيكيًا أيضًا، على مستوى التعاقد، لجهة الأعداد الكبيرة من المتعاقدين، وقاعدة التعاقد التي أصبحت تقوم على ركنين:

1- التغذية الجغرافية الذاتية، أي التعاقد مع أشخاص قاطنين في محيط المدرسة.

2- الولاء السياسي، أي حصول التعاقد عن طريق القوى السياسية الفاعلة في كل محيط، أي الميليشيات.

 

في هذا السياق تقلّص دور الوزارة إلى إصدار القرارات التي تشرّع التعاقد، وإلى «توثيق» ما يتم في المدارس وتحويله إلى واقعة رسمية تدفع بموجبها أتعاب التعاقد من قبل الوزارة.

 

بداية أجاز مجلس الوزراء لـ «وزارة التربية الوطنية» التعاقد مع 2600 معلِّم للعمل في المدارس الابتدائية والمتوسطة في عدد من الأقضية والمدارس النائية، على أساس أجر شهري مقطوع يُدفع لقاء أشهر العمل الفعلية. ثم تحوّل الأمر العام 1978 إلى تعاقد بالساعة حدّد شروطه مرسوم صادر عن مجلس الوزراء[11].

 

قفز عدد المتعاقدين العام 1978 - 1979 إلى 5220 شخصًا، معظمهم من حملة الشهادة الثانوية. وخلال العام 1979 بدأ هؤلاء تحرُّكهم وطالبوا بالتثبيت وبإلغاء التعاقد (!) وزيادة الأجور وصرفها ورفض المباراة لدخول الملاك. وأعلنت اللجنة العليا للمتعاقدين في الخامس من أيار/مايو 1980 أول إضراب لها تزامن مع إضراب الأساتذة الثانويين والمعلمين الابتدائيين في القطاع الرسمي واستمر حتى العشرين من أيار/مايو 1980، بعدما نال المتعاقدون وعدًا برفع أجرة ساعة التدريس.

 

العام 1981 عاود المتعاقدون التحرّك لتحقيق مطالبهم. وبعد مراجعات غير مجدية أعلنوا إضرابًا مفتوحًا في 10/2/1981، مارسوا فيه تحرُّكات تمثَّلت بالاتصال بالهيئات والفاعليات، وباعتماد أسلوب التظاهرات والمهرجانات والاعتصامات وتوجيه البيانات. وبعدما شكَّل الوزير لجنة لدراسة أوضاعهم ونالوا منه وعدًا بدراسة مطالبهم، علّقوا الإضراب في 17/3/1981.

 

وتابع المتعاقدون تحرُّكهم من أجل التثبيت. وبعد سلسلة من الاتصالات والمراجعات، وإضراب شامل ليومي 26 و27 أيار/مايو 1982، أقرَّ المجلس النيابي مشروع القانون المقدّم من الحكومة لـ «تثبيت المتعاقدين» فصدر تحت الرقم 21/[12]82 الشهير ليجيز للحكومة، بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء خلال مهلة ستة أشهر من تاريخ العمل به، أن تحدّد الشروط والأصول للتعيين والتثبيت والتأهيل التربوي، المتعلِّقة بالمتعاقدين العاملين في ذلك الحين في المدارس الرسمية الابتدائية والمتوسطة، في ملاك وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة – المديرية العامة للتربية الوطنية.

 

تأخّر صدور الشروط والأصول العائدة لتعيين هؤلاء المتعاقدين. وفي مطلع العام 1983 بدأ نوع من الصراع بينهم والمعنيين في الوزارة حول مضمون النصوص التطبيقية المتعلّقة بتعيينهم وتثبيتهم وتأهيلهم. وتعدّدت الاجتهادات، فمن اقتراح اعتماد المباراة يرفضه المتعاقدون، إلى اقتراح تعيين المتعاقدين بين العامين1977 و1980 وإخضاعهم لدورات تدريبية صيفية، إلى اقتراح تعيين الذين أمَّنوا في التدريس نصابًا يزيد على 1500 ساعة بالإضافة إلى حملة الإجازات. كان النزاع في طياته مزدوج المعنى: نزاع بين ما تبقى من إرث الدولة ومنطقها والمتعلّق بشروط الإعداد وبالمباراة المبنية على الكفاءة والمساواة، وبين المنطق الأهلي الذي نواته الميليسشيات التي سهّلت إلحاق المعلمين بالمدارس على أساس التعاقد وكان لها كلمة في اختيارهم. أما النزاع الثاني فتعلَّق بتوزع هؤلاء المتعاقدين غير المتوازن طائفيًا.

 

إن أيًا من الحلول المذكورة أعلاه لم يأخذ طريقه إلى التنفيذ نتيجة عدم التوافق، فأعلن المتعاقدون إضرابًا مفتوحًا بتاريخ 26/3/1983 إستمر ستين يومًا، ولم يعلّق في 26/5/1983 إلا بعدما نالوا وعدًا من رئيس الحكومة آنذاك[13] بعدم فرض المباراة وبعدم استثناء أي متعاقد من التثبيت.

 

لكن النصوص الموعودة تأخر صدورها الأمر الذي استتبع طرح بعض المطالب الفرعية المستجدَّة، وهي تتعلّق بأجور المتعاقدين وتأمين الاعتمادات لها، وكذلك تجديد العقود سنويًا. واستمر الوضع على حاله حتى أواسط العام 1984 حين أعدّ وزير التربية الوطنية مشروع مرسوم التثبيت. إلا أن هذا الأخير لقي معارضة من قبل بعض الجهات السياسية والرسمية ما أدى إلى حدوث انقسام في مجلس الوزراء حوله سببه الجوهري عدم التوازن بين المرشحين للتعيين طائفيًا. ومع استمرار الخلاف، إمتنع المتعاقدون عن الالتحاق بمدارسهم في مطلع العام الدراسي 1984 – 1985، واستمروا في موقفهم حتى تاريخ 16/11/1984 حيث تمَّ التوصُّل، في إطار المساعي التي كانت ناشطة في حينه لتحقيق الوفاق الوطني، إلى صيغة جديدة للحل رعتها وقتذاك جهات سورية نافذة وقضت بتجديد التعاقد خلال سنتين دراسيتين يتقاضى خلالهما المتعاقدون أجورًا لا تقلُّ عن الحد الأدنى للأجور، ويخضعون لدورة تدريبية تنتهي بامتحان، يثبّت بعدها جميع الناجحين أيًا كان انتماؤهم الطائفي.

 

هذا الحل الذي تمَّ التوافق عليه كان ينبغي أن يكرّس بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء تطبيقًا للقانون 21/82، ولما تأخَّر إصداره عاود المتعاقدون تحرّكهم، فبدأوا إضرابًا في 28/3/1985 لم يدم أكثر من أحد عشر يومًا، استأنف بعدها المتعاقدون أعمالهم في 8/4/1985 بعدما وقّع وزير التربية الوطنية مشروع المرسوم العتيد. وهكذا صدر المرسوم بعد ثلاث سنوات من صدور القانون 21/[14]82، ليُحدّد الشروط والأصول التي عناها القانون، وهي تتلخّص بالآتي:

- «يخضع المتعاقدون المعيّنون لدورة تدريبية على مرحلتين صيفيتين خلال سنتين متتاليتين يتقاضون خلالهما تعويضًا شهريًا لا يقل عن الحد الأدنى للأجور.

- بنهاية الدورة يخضعون لامتحان ينظّم وفق الأصول بالتنسيق مع مجلس الخدمة المدنية.

- يعيّن الناجحون في الامتحان بوظيفة مدرّس من الدرجة الأخيرة، أما الراسبون فيصرفون من الخدمة.

- يُعطى المعيَّنون درجة تدرُّج عن كل ثلاث سنوات دراسية قضوها قبل تعيينهم في الملاك الدائم، وتُصفَّى حقوقهم عن خدماتهم السابقة.

- عليهم إن يستمروا بالعمل مدة عشر سنوات على الأقل ضمن نطاق عملهم في القرى التي حُدِّدت سابقًا للتعاقد معهم بقرارات صادرة عن وزير التربية الوطنية».

وحدّد المرسوم المذكور الشروط الواجب توافرها في المرشحين بتاريخ صدوره (أي 22/8/1985)[15]، ثم عُدِّل لتخفيف هذه الشروط[16].

 

وتطبيقًا لهذه الأحكام أجريت الدورة التدريبية خلال صيف 1985 وصيف 1986. وبنهايتها أصدر المركز التربوي للبحوث والإنماء مذكرة في 6/10/1986 حول برنامج الامتحان الذي حُدِّد في 11/10/1986، فيما بادر وزير التربية إلى إصدار نظام التقييم التربوي للمدرِّسين المتعاقدين. واختتم العام 1986 بسلسلة من التحرّكات للمطالبة بإصدار نتائج الامتحانات وصرف الرواتب، رافقها أحيانًا توقّف عن التدريس في بعض المناطق. إلا أن التأخير في إعلان نتائج الامتحانات، وبالتالي في صدور مرسوم التعيين، كان سببًا في إضراب المتعاقدين في بعض المناطق في مطلع العام 1987. وفي 9/2/1987 أعلن المتعاقدون الإضراب المفتوح من أجل التثبيت وإصدار نتائج الدورة التدريبية، واستمروا فيه مئة يوم إلى أن أعلنت اللجنة العليا تعليقه بتاريخ 26/5/1987 بعدما وقّع مشروع مرسوم التثبيت[17]، متضمنًا تعيين المدرِّسين المتعاقدين الذين انهوا بنجاح دورتين تدريبيتين خلال صيف 1985 و1986، وبلغ عددهم 4382 مدرسًا.

 

هكذا استمرَّت أزمة الانتقال من نظام الإعداد المسبق إلى نظام المتعاقدين غير المتوازنين طائفيًا في عددهم مدة ثماني سنوات. لكن نهايتها كانت بداية ممارسة جديدة في تعيين المعلمين الرسميين الابتدائيين تقوم على: التعاقد مع المعلمين عبر المدارس، ثم إجراء مباريات ما بين المتعاقدين، ثم دورات تدريبية سريعة للناجحين. كان يمكن عبر هذه الممارسة تجاوز التوازن ما بين الطوائف، وعدم اشتراط الحصول على شهادة تربوية، وعدم التنافس في مباريات تقوم على المساواة والاستحقاق، ولكن معها أصبح حق المتعاقدين في التعيين أو التثبيت فوق جميع الحقوق، وأولُّها الحق العام. كما مهَّدت هذه الممارسة الطريق عمليًا لإلغاء «إعداد» المعلمين الابتدائيين في لبنان، ليحلَّ محله التدريب «السريع». ولكن الأمر كان مازال بحاجة الى خطوات إضافية على صعيد التشريع.

 

ثالثا: التسعينيات تنهي أنظمة الإعداد السابقة

شهدت فترة التسعينيات تنازعًا بين أنظمة ما قبل الحرب في الإعداد والتعيين وممارسات فترة الحرب في تعيين معلمي «الأمر الواقع» من متعاقدين، وانتهت طبعًا بانتصار الثانية وأفول الأولى، ولو أن الحرب انتهت بعد اتفاق الطائف.

 

دور المعلمين الابتدائية تُنازع

شهدت دور المعلمين والمعلمات بعض الانقطاعات خلال فترة السبعينيات ناجمة عن الأحداث. لكن بعد ما جرى في مطلع الثمانينيات من تحوُّل 4382 متعاقدًا وتعيينهم، إنحسر الدور الذي تضطلع به دور المعلمين في إعداد معلمي المرحلتين الابتدائية والمتوسطة ومعلمي التربية الرياضية. كان الفوج الذي تخرَّج في هذه الدور سنة صدور القانون 21/82 هو الأكبر (1448 معلِّمًا). وخلال الست السنوات ما بين صدور القانون وتاريخ تعيين فوج المعلمين المتعاقدين تخرَّج في الدور فوجٌ واحدٌ فقط بلغ عديده 219 متخرجًا فقط (1984). لاحقًا وخلال 13 سنة، ما بين العامين 1988 و2001، تخرَّج فيهاخمسة أفواج فقط من المعلمين، كان آخرها فوج العام 2001 (رسم بياني رقم 1). ومنذ ذلك العام توقَّف نهائيًا إعداد المعلمين للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة.

 

كلِّية التربية تنهي دورها في الإعداد المسبق للأساتذة الثانويين

العام 1987، أجريت، كما ذكرنا سابقًا، آخر مباريات مفتوحة لتعيين أساتذة ثانويين على أساس النظام الثاني للإعداد في الكلِّية (نظام 1979)، وكانت مباراة على أساس الألقاب (أي مبنيَّة على دراسة الملفَّات ومن دون إجراء امتحان، ربما بسبب ظروف الحرب). وتمَّ اختيار قسم من المرشحين استنادًا إلى العلامات التي حصلوا عليها بنتيجة دراسة ملفاتهم وطبقًا لاختصاصاتهم وتوزُّعهم الطائفي. وقد التحق «الناجحون» بالكليَّة كآخر فوج يدرس فيها شهادة الكفاءة في التعليم الثانوي لمدة عامين (1998-1990).

 

كانت الوزارة قد توسَّعت خلال الثمانينيات في التعاقد للمرحلة الثانوية مع أعداد كبيرة من حملة الإجازات التعليمية غير الموظفين[18] الذين شكَّلوا نهاية العام 1984 «لجنة عليا» تمثِّلهم، وطرحوا مطلب تثبيتهم في الملاك. وخلال العام 1985 أخذت هذه اللجنة تتحرَّك من خلال لقاءات واجتماعات وبيانات أو كتب ترفعها إلى وزير التربية الوطنية تعرض فيها المشاكل المتمثِّلة بالتأخر في إبرام العقود وعدم كفاية الأجور والتأخر في دفعها، وعدم وجود ضمانات إجتماعية، وتخلص إلى المطالبة بالتثبيت في ملاك التعليم الثانوي وفتح كلية التربية[19]. وفي 8/6/1986 أعلن المتعاقدون الثانويون إضرابًا مفتوحًا حتى تحقيق المطالب[20]، شمل المناطق كلها واستمر يومين في بعضها وأربعة في بعضها الآخر، ثم عُلِّق بعد الحصول على وعد من الوزير بالإنصاف والمساعدة في تحقيق المطالب[21].

 

العام 1994 صدر أول قانون يخصُّ التعليم الثانوي لإجراء «مباراة محصورة بالمتعاقدين بالساعة للتعيين»[22] ، وبدأ مادته الاولى بالقول «تجري لمرة واحدة مباراة محصورة بالمتعاقدين بالساعة...». وكانت صيغة «لمرة واحدة» طليعية في زمنها، وستصبح لاحقًا، هي وأختها «وبصورة إستثنائية»، مفتاح العديد من التشريعات.

 

بناءً عليه، وتحديدًا العام 1995، جرت أول مباراة لتعيين الأساتذة الثانويين محصورة بالمتعاقدين. وبنتيجتها صدر مرسوم تعيين 963 «أستاذًا متمرِّنًا» ليتابعوا في كلية التربية «دورة إعداد»[23] بدلاً من شهادة الكفاءة المعمول بها سابقًا (النظام الثاني). وبعد خمسة أشهر، صدر مرسوم ثانٍ[24] عُيِّنت بموجبه دفعة ثانية قوامها 198 أستاذًا متمرِّنًا أرسلوا إلى كلية التربية لمتابعة دورة إعداد أيضًا.

 

رسم بياني رقم 1: أعداد الخريجين من دور المعلمين للتعليم الابتدائي والمتوسط والرياضة

مصدر المعلومات الخام: المركز التربوي للبحوث والانماء

(http: //www.crdp.org/CRDP/Arabic/ar-organigrame/a_formation.asp)

 

 

رابعًا: تشريع التعيين على أساس التعاقد (2001-2010)

 

القانون 314/2001

أول الغيث في تشريعات ما بعد الـ2000 صدور قانون بعنوان: «إعفاء بعض الناجحين في مباراة 1987 لقبول طلاب في كلية التربية لإعداد شهادة الكفاءة من شرطي السن و المباراة»[25]. هكذا كما هم، من دون شروط الوظيفة العامة. بل أن القانون وضع شروطًا عامة تطابق أوضاع «بعض الناجحين» على النحو الآتي:

«لا يستفيد من أحكام الفقرة أ (التي تستثنيهم من شرطَي السن والمباراة) إلا من يتوافر فيه أحد الشروط الآتية:

1) أن يكون تعاقد مع مديرية التعليم الثانوي للتدريس في الثانويات الرسمية خلال العام الدراسي 98-99 على أن لا يقل عدد سنوات تعاقده مع المديرية المذكورة عن أربع سنوات،

2) أن يكون تعاقد مع مديرية التعليم الثانوي للتدريس في الثانويات الرسمية مدة لا تقل عن ست سنوات.

3) أن يكون حاملاً شهادة الدكتوراه».

كان من الممكن أن تُشترط خدمة تعاقد ست سنوات للجميع، لكن أحدًا ما كانت لديه خدمة أربع سنوات وكان يجب أن يعيَّن، فوُضع شرط خاص به (لمدة أربع سنوات على أن يكون قد عمل متعاقدًا خلال العام الدراسي 1998 - 1999). كان التعاقد خلال هذا العام تحديدًا يكسب صاحبه خبرة نوعية فريدة في نوعها تثقل ملفه.

أما ثالثة الأثافي في هذا القانون الذي وضعه المشرِّع اللبناني فهي أن المرسوم الذي عَيَّن المستفيدين من هذا القانون[26] صدر «خلافًا لرأي مجلس الخدمة المدنية الصادر بكتابه الرقم 2940 تاريخ 3/10/2001» كما ورد في حيثيات المرسوم نفسه. والسبب القانوني لاعتراض المجلس هو أن أي مباراة يجريها تنتهي مفاعيلها بعد سنتين، فكيف يمكن تعيين أشخاص شاركوا في مباراة جرت قبل 14 سنة وكانت مباراة بالألقاب أي لا نجاح فيها ولا رسوب بل ترتيب بحسب النقاط التي يحصل عليها كل ملف.

 

القانون 344/2001

شكَّل هذا القانون نقطة الانطلاق لتشريعات ما بعد العام 2001، التي غيَّرت في شروط التعيين في ملاك التعليم الرسمي الابتدائي والمتوسط، ولا سيما في ثلاثة عناوين أو قواعد: الإجازة، التعاقد، لا إعداد تربوي. وقد حمل العنوان الآتي: «إنصاف حملة الإجازة والكفاءة الداخلين في ملاك التعليم العام»[27]، ونصَّ في مادته الخامسة على ما يأتي: «لا يجوز أن يدخل إلى ملاك التعليم، كما لا يجوز التعاقد في جميع مراحل التعليم، إلا حملة الإجازات وما فوق، باستثناء طلاب دور المعلمين الذين التحقوا بها قبل صدور هذا القانون». ويلاحظ أن القانون من جهة أولى، لم يشترط إعدادًا تربويًا مسبقًا، لا جامعيًا ولا غير جامعي، ومن جهة ثانية إشترط الإجازة، ومن جهة ثالثة وضع التعاقد إلى جانب التعيين.

يمكن الاعتقاد أن القصد من هذا القانون هو رفع مستوى الشهادة، التي يُعيَّن على أساسها المعلِّمون، إلى مستوى الإجازة، بدلاً من الشهادة أو البكالوريا التعليمية. لكن العنوان نفسه يُفصح عن أن المقصود هو إنصاف المعلِّمين المتعاقدين حملة الإجازة وليس البدء بنظام إعداد جديد أرفع مستوى من دور المعلمين. وسوف نرى لاحقًا أن الإنصاف كان هدفه المعلمون المجازون الذين كانوا متعاقدين في ذلك الوقت تحديدًا، وأن المشترع سوف يتخلَّى عن شرط الإجازة بسرعة.

واقع الحال، أنه بعد أربعة أشهر فقط صدر قانون[28] «يصحّح» أي اعتقاد خاطئ حول مقاصد النظام الجديد. وأعاد فتح الباب أمام غير حملة الإجازات، أي أطاح شرط الإجازة ولو أنه نصَّ على أن ذلك تدبير استثنائي، حيث جاء في مادته الوحيدة ما يأتي: «خلافًا لأي نص آخر، يُجاز للحكومة إستثنائيًا، وللعام الدراسي 2001-2002، إستمرار التعاقد مع المتعاقدين حتى العام الدراسي 2000-2001 مع المدارس الرسمية للتدريس في مرحلتي الروضة والتعليم الأساسي، وحملة الامتياز الفني في التربية الحضانية والمعلوماتية وخرِّيجي دور المعلمين، على أن يتم التعاقد مع حملة الشهادات الأعلى والخبرات الأكثر». ومن الواضح أن هذا الاستثناء كان ترضية للمتعاقدين المنوَّعي الشهادات. وهذا الاستثناء كما سنلاحظ لاحقًا سوف يستمر إلى يومنا هذا، وبالتالي فإن «التعاقد» هو القاعدة الأصل في التغير الحاصل.

 

القانون 442/2002

بدا هذا القانون كأنه محاولة لملمة ما صدر سابقًا، ووضع خارطة طريق للسنوات اللاحقة وصوغ فحوى التغيير الحادث في سياسة تعيين المعلمين في ملاك التعليم الابتدائي بصورة متكاملة ومتماسكة وصريحة. إنَّه قاعدة النظام الثالث لتعيين المعلِّمين الذي انطلق في ذلك الحين. وفي حقيقة الأمر لا يُعتَدُّ اليوم بالقانون 344 وتعديلاته في تعيينات التعليم الابتدائي، بل إن القانون 442 هو المرجع الذي تحال عليه كل المباريات والتعيينات التي تمَّت بعد العام 2002 في هذا التعليم.

يؤكّد القانون 442 عناوين السياسة الجديدة في تعيين المعلمين في ملاك التعليم الابتدائي الذين يجب أن يعلِّموا في مراحل الروضة والابتدائية والمتوسطة، وهي أربعة: غياب الإعداد التربوي السابق (الجامعي وغير الجامعي)، وقبول غير المجازين، وحصر التعيين بالمتعاقدين، وإخضاع المعيَّنين لـ «دورة إعداد» تربوي قبل تثبيتهم. ويؤكد أن التعاقد في النهاية هو أساس التعيين، في حين أن الشروط الثلاثة الأخرى تتكيَّف معه.

 

لقد نصَّ القانون 442/[29]2002 على هذه المكوِّنات الثلاثة معًا:

أ. «مع مراعاة أحكام هذا القانون لا يجوز في مطلق الأحوال التعيين أو التعاقد لوظيفة مدرِّس إلا من بين حَمَلة الإجازة التعليمية أو الإجازة الجامعية المعترف بها». (المادة الأولى- البند 4).

ب.  «أما الفائزون من غير حملة الإجازات التعليمية أو الإجازات الجامعية، فيخضعون لدورة تدريب مدتها سنتان في دور المعلمين والمعلمات، ... ويعيَّن الناجحون منهم في الملاك بوظيفة مدرِّس في مرحلتي الروضة والتعليم الأساسي، ويعتبر الراسبون منهم مصروفون من الخدمة» (المادة الثانية – البند 3).

ج.  «خلافًا لأي نص آخر يُجري مجلس الخدمة المدنية ولمرة واحدة مباراة محصورة بالمتعاقدين بالساعة للتدريس في مرحلتي الروضة والتعليم الأساسي في المدارس الرسمية». (المادة الثانية – البند 1).

 

وبالتالي فإن عنوانه العام «أصول التعيين في وظيفة مدرس...» يُترجم بأن أصول التعيين هي أصول تعيين المتعاقدين، لأن التعاقد أصبح هو الطريق الوحيد نحو مهنة المعلّم في التعليم الرسمي. والمتعاقدون منهم من يحمل الإجازة ومنهم من لايحملها، وهم غير معدِّين تربويًا. وتقوم هذه «الأصول» على إخضاعهم بعد نجاحهم في المباريات إلى دورات تدريبية تربوية يجب أن تتمَّ في دور المعلمين بالنسبة إلى غير حملة الإجازة، وفي كلية التربية لحملة الإجازة. وقرَّر المشترع أن يكون الفرق عند التعيين بين المجازين وغير المجازين فرقًا في الدرجة. وقد بيَّنت المباريات التي نظمت استنادًا إليه، والمرسوم التطبيقي للقانون[30]، أن المرشحين المقبولين للمشاركة في المباريات يتفاوتون في شهاداتهم ما بين حملة الشهادة الثانوية والبكالووريا الفنية وحملة شهادة الدكتوراه.

 

يبدو أن تطبيق هذا القانون شهد بدوره تعثرات في تطبيقه معظمها ذو طابع إجرائي أو تنظيمي. فبحسب القانون التعديلي الأول العام [31]2004 تمَّ الفصل بين عمليتي التعاقد والتعيين فتكون الأولى من مهمات الوزارة والثانية من مهمات مجلس الوزراء، في حين كان التعاقد في القانون 442 ملقىً على عاتق مجلس الوزراء وهذا أمر ثقيل عليه من الناحية العملية، علمًا بأن مجلس الوزراء يكتفي بحسب التعديل المحدث بـ «تحديد أصول مندرجات التعاقد» أي شروطه. وقد حصر التعديل التعاقد بعقد اتفاق سنوي مع الوزارة.

 

لكن، وردت في القانون التعديلي مادة ملفتة، لكأن القانون يستنكر التعاقد ويريد أن يضع حدًا نهائيًا له. تقول المادة:

 

«لا يجوز التعاقد للتدريس بالساعة في المدارس الرسمية والمعاهد والمدارس الفنية الرسمية إلا في حالات إستثنائية ناتجة عن الحاجة إلى هذا التعاقد بناء على دراسة تعدُّها كل من المديرية العامة للتربية والمديرية العامة للتعليم المهني والتقني وذلك في بداية العام الدراسي لكل سنة تحدَّد فيها حاجة المدارس الرسمية والمدارس والمعاهد الفنية الرسمية إلى أساتذة أو معلمين ومدرِّسين بعد أن يكون قد تم إعادة توزيع أفراد الهيئة التعليمية الداخلين في الملاك الدائم على المدارس والمعاهد المذكورة ضمن القضاء وفق القوانين والأنظمة المرعية الإجراء وتطبيق النصاب القانوني الأسبوعي لكل أستاذ أو معلم أو مدرس فيها على أن ترسل نسخة عن هذه الدراسة إلى التفتيش المركزي - المفتشية العامة التربوية – عند إنجازها مباشرة للمتابعة ومراقبة التنفيذ» (قانون 603، مادة 3).

 

إنها فقرة «زائدة» إذا صحَّ التعبير، لأن كل الموضوع في هذا القانون والقانون الذي يعدِّله، هو تثبيت السياسة الجديدة في التعيين على أساس التعاقد. ولعل ارتفاع الأصوات ضد التعاقد كان وراء إضافة هذه المادة التي لا قيمة لها عمليًا لأن وقف التعاقد أو تحجيمه إلى الوضع الذي كان فيه قبل الحرب يحتاج إلى نظام يقوم على أسس تختلف كليًا عن الأسس التي شرَّعتها القوانين المتراكمة حتى هذا التاريخ، وهي أسس بسيطة جدًا، منها مثلاً: أن تنطبق على المرشح شروط التوظيف العامة (من حيث السن)، أن يكون حاملاً شهادة جامعية متخصِّصة وتربوية (يجري تحديدها)، أن ينجح في مباريات مفتوحة للجميع يشترك فيها حملة الشهادات التربوية ما يغني عن إلحاق الناجحين بكلية التربية بعد المباراة، أن يعيَّن جميع الناجحين في المباريات ضمن الأعداد المقرَّرة، وتتم هذه المباريات روتينيًا وسنويًا استنادًا للأعداد المقرَّرة المبنيَّة على تقدير الوزارة حاجاتها.

 

هذه الأسس ليس فيها بارود يجب اكتشافه، أو هي أمر معقَّد. لقد دأبت المفتشية العامة التربوية، قبل العام 2004 وبعدها، على تكرار مثل هذه الأسس في تقاريرها السنوية، كالدعوة إلى الإعداد الحر في دور المعلمين وكلية التربية (1983)[32]، أو فك الارتباط بين أعداد المعلمين المسبق والتعيين في الملاك الرسمي (1984)[33]، والقول «إن إجراء المباريات المحصورة لتثبيت المتعاقدين الفائزين، وفق القانونين 441 و442 لا يجوز أن يصبح عرفًا تلجأ إليه الدولة كلما تضخَّمت مشكلة المتعاقدين وتفاقمت...إن الحلول الحقيقية تكمن في أن تختط الدولة المسارات الطبيعية لإعداد المعلمين» (2004)[34]، أو القول إنه «أصبح من الملح حسم الخيارات المتعلقة بمستقبل مؤسسات إعداد المعلمين (كلية التربية ودور المعلمين) (2006)[35]. وفي تقريرها للعام 2006 قدَّمت المفتشية تصوُّرًا متبلورًا لما تفكّر به حول هذا الموضوع، ربطت فيه بين الإعداد المسبق والكفاءة والشباب، حيث جاء في التقرير حرفيًا ما يأتي[36]:

 

«لقد أصبح من الضرورة بمكان ترسيخ ثقافة الإعداد المنتظم للأساتذة والمدرسين في المؤسسات المعنيَّة، وإغناء ملاك التعليم الرسمي بالعناصر الشابة التي تدفق في جسم الهيئة التعليمية دمًا جديدًا يكفل تنشيطه وتعزيز حضوره ورفع مستوى إنتاجيته، بعيدًا عن الاستعانة بمتعاقدين لم يجرِ إعدادهم تربويًا لمهماتهم الجديدة، وفق الشروط الأكاديمية والفنية المناسبة. وعندئذ فحسب يعود التعاقد إلى الحجم الذي لا يجوز أن يتلاءم إلا مع الحاجات المحدودة والاستثنائية، لا أن يكون كما هو الحال اليوم، مسارًا عامًا ومفتوحًا للتعليم الرسمي».

 

لكن يبدو أن المفتشية العامة التربوية تنتمي في تفكيرها إلى زمن ما قبل الحرب، العصر التي كانت فيه المفتشية العامة، وغيرها من المؤسسات العامة في الدولة التي أنشئت في الفترة الشهابية، تقف على باب الدولة لترعى المصلحة العامة وتصد عنها رياح السياسة. ولعل ذلك الزمن ولَّى.

 

لذلك تبدو الفقرة الزائدة المذكورة أعلاه في متن قانون أشبه بالتمني، ربما مجاراة للدعوات المماثلة لدعوة المفتشية العامة. وهذا على كل حال أمر غريب في التشريع.

 

والدليل على عدم جدوى مثل هذه الفقرة الزائدة، أنه صدر العام 2008 تعديل آخر للقانون 442 استفاض في تفصيل شروط التعيين على أساس التعاقد[37].

 

كان القانون 442 قد قال:

«خلافًا لأي نص آخر، يجري مجلس الخدمة المدنية ولمرة واحدة مباراة محصورة بالمتعاقدين بالساعة للتدريس في مرحلتي الروضة والتعليم الأساسي في المدارس الرسمية وفق العدد المحدَّد في الجدول الملحق بهذا القانون والذي يعتبر جزءًا منه» (مادة 2).

 

فجاء التعديل ليقول:

«خلافًا لأي نص آخر، يجري مجلس الخدمة المدنية ولمرة واحدة مباراة محصورة بالمتعاقدين بالساعة للتدريس في مرحلتي الروضة والتعليم الأساسي في المدارس الرسمية حتى نهاية العام الدراسي2005 - 2006 وفق العدد المحدّد في الجدول الملحق بهذا القانون والذي يعتبر جزءًا منه، ويراعى عند وضع الأسئلة في مادة الاختصاص الشهادة التي يحملها المرشح والمرحلة التعليمية التي يتقدّم بترشيحه للتعليم فيها والمناهج التعليمية المقرَّرة لها»(مادة 2).

 

لقد أكَّد التعديل فكرة «خلافًا لأي نص آخر» وفكرة أن المباراة «محصورة بالمتعاقدين»، وأضاف إليهما «مراعاة» وضع المرشحين عند إجراء المباراة. فإذا كان المتعاقدون متعدِّدي الشهادات (لجهة مستواها)، ومتعددي التخصصات (التي لا تحدِّدها الشهادة بالضرورة بل المادة التي يعلمها المتعاقد عند ترشحه للمباراة) فإن المباراة بحسب المشترع يجب ترتيبها طبقًا لأوضاع هؤلاء. إنه تكييف فاضح للقانون العام طبقًا لأوضاع خاصة.

 

بل قدَّم التعديل تعريفًا للمتعاقد لم يكن موجودًا في النصوص السابقة:

 

«يُقصد بالمتعاقد وفق الأصول كل من قام بالتدريس بصورة متواصلة أو منقطعة في المدارس الرسمية لمرحلتي رياض الأطفال والتعليم الأساسي، استنادًا إلى إفادة صادرة عن مدير المدرسة ومصدَّقة من رئيس المنطقة التربوية المعنية للعام الدراسي 2005-2006 وما قبله» (المادة الثانية).

 

القانون 441/2002

في هذا الوقت تم تشريع شروط تعيين الأساتذة في الملاك الثانوي على القاعدتين الذهبيتين للتعيين في الملاك الابتدائي: التعاقد وعدم وجود إعداد تربوي مسبق، لكن شرط الإجازة ظلَّ قائمًا هنا بالطبع، لكأن حيازة الإجازة بقيت الفرق الوحيد بين السلكين الابتدائي والثانوي. ولهذا السبب (الاجازة) ترجع حيثيات بعض المراسيم التي تعيِّن الأساتذة الثانويين إلى القانون 344 الذي أهمل في التعليم الابتدائي. لكن المشترَك هو أن المتعاقدين كانوا هنا هم الموضوع الأول والأخير. وبما أن من شروط التوظيف العامة في الإدارات الحكومية تشمل شرط السن، وبما أن المتعاقدين في الثانوي متفاوتو الأعمار بشدة، وإكرامًا لهم، تمَّ إعفاء المرشحين للتعاقد والتعيين في الثانوي من شرط السن.

 

فقد صدر قانون مماثل للتعليم الثانوي هو القانون 441/ [38]2002، نص على ما يأتي:

أ. «تبقى سارية المفعول جميع الأحكام القانونية الأخرى المتعلقة بشروط التوظيف العامة والخاصة وبشروط التعاقد في وظيفة أستاذ تعليم ثانوي» (المادة الأولى – البند 4) (الأحكام التي حدَّدها القانون 344 المذكور أعلاه في مادته الخامسة أي حيازة الإجازة).

ب.  «يجري مجلس الخدمة المدنية ولمرة واحدة مباراة محصورة بالمتعاقدين بالساعة في الثانويات الرسمية وبالمنتدبين في هذه الثانويات من بين المدرسين والمعلمين في التعليم الابتدائي والمتوسط من حملة الإجازات التعليمية والجامعية» (المادة الثانية – البند 1)

 

«يشترط للاشتراك في المباراة أن يكون المتعاقد مستوفيًا شروط التوظيف العامة والخاصة المنصوص عليها في القوانين والأنظمة المرعية الإجراء ما عدا شرط السن» (المادة الثانية – بند 2).

 

وقد شهد هذا القانون بدوره تعديلات بعضها مطابق لما حدث للقانون 442: التمييز بين التعاقد (مع الوزارة) والتعيين (من قبل مجلس الوزراء)، وأضاف فقرة «لا يجوز التعاقد»[39] الزائدة، وبعضها خاص بالثانويين: تعيين جميع الناجحين في المباريات، بغض النظر عن نتائجهم في دورات الإعداد، وإمكان تعيين المعلم في القضاء الذي تقدَّم له، أو في قضاء آخر لم يتقدم إليه، أو في محافظة أخرى، بدلاً من حصر التعيين في القضاء نفسه[40].

 

لكن لا بد من التنويه بأن الطلاب الذين أرسلوا إلى كلية التربية لم يرسلوا جميعهم تحت القانون 441، أي استنادًا إلى مباراة محصورة بالمتعاقدين، بل بعض المباريات نُظِّم بصورة مفتوحة، أي استنادًا إلى القانون 344، وأرسل الناجحون فيها لمتابعة شهادة الكفاءة، وهذا ما يشكّل فرقًا بالمقارنة مع المعلمين الابتدائيين. فقد أرسلت ما بين العامين 1995 و2010 ثماني دفعات من الأساتذة الثانويين إلى كلية التربية، ثلاث منها لمتابعة شهادة الكفاءة استنادًا إلى مباراة حرة. أما في التعليم الابتدائي فإن الدفعات الثلاث التي أرسلت إلى كلية التربية ودور المعلمين فكانت جميعها محصورة بالمتعاقدين.

 

ولا بد من التساؤل طبعًا حول الظروف التي أفضت إلى إجراء مباراة مفتوحة، وما إذا كان ذلك يعزى إلى النتيجة (فرق الدرجة) أم إلى ضغوط رابطة الأساتذة الثانويين في هذا الاتجاه في السنوات الأخيرة، وما دور روابط المعلمين عمومًا في التحولات الحاصلة في شروط تعيين المعلمين خلال السنوات العشرين الأخيرة. كذلك لا بد من التساؤل حول الفروق الجوهرية ما بين سنتي الكفاءة وسنة دورة الإعداد في الكلية، وحول قدرات الكلية لاستقبال الطلاب في كلتا الحالتين. هذه التساؤلات تحتاج الإجابة عنها إلى مراجعة الموضوع نفسه من زاويا أخرى.

 

مشروع مباراة محصورة بالراسبين

آخر اختراعات النظام الثالث لتعيين المعلمين مطالبة الراسبين في «المباريات المحصورة بالمتعاقدين بالساعة للتدريس في مرحلتي الروضة والتعليم الأساسي في المدارس الرسمية التي أجراها مجلس الخدمة المدنية حتى نهاية العام الدراسي 2005-2006» بإجراء مباريات محصورة بالراسبين في هذه المباريات. والحجة الرئيسة كما ورد في مشروع القانون الذي وضعته الحكومة أن المباراة التي رسب فيها هؤلاء لم «تكن مسبوقة بأي دورة تأهيلية للمتعاقدين الذين اشتركوا فيها، فرسب من رسب منهم». ومن مرجعيات مشروع القانون العتيد القانون 21/82 السالف الذكر الذي فتح عهد تعيين المتعاقدين.

 

وقد تداولت وسائل الإعلام هذه «القضية» على مدى عدة أشهر. ومما ورد في الإعلام نقتطف ما يأتي:

 

«ظهرت لجنة جديدة تختص بمطالب المعلمين المتعاقدين في مرحلة التعليم الأساسي تحت مسمى «لجنة الراسبين في مباراة مجلس الخدمة المدنية»، نفَّذت أمس اعتصامًا أمام مقر وزارة التربية في الأونيسكو للمطالبة بتثبيت المتعاقدين الذين أمضوا سنوات في التعليم من خلال دورات تدريبية ضمن مباراة محصورة يبلغ عدد الذين لم يوفَّقوا في المباراة ثلاثة آلاف متعاقد يرفضون وصف التعاقد بالبدعة» (الصحف في 31/3/2010).

 

«عقدت اللجنة العليا للمدرّسين المتعاقدين في التعليم الأساسي اجتماعًا» أكدت فيه «تمسّك المتعاقدين بوجوب تعيين من مضى على تعاقدهم عشر سنوات وما فوق، وإن تعذّر ذلك يصار إلى إجراء تعاقد وظيفي لهم لمدة خمس سنوات يتمُّ بعدها تثبيتهم في ملاك وزارة التربية أو ملاكات الوزارات الأخرى». وطالب البيان بـ«إجراء مباراة محصورة بالذين لم يوفَّقوا في مباراة مجلس الخدمة المدنية، بعد تنظيم دورات إعداد وتأهيل لهم» (الصحف في 9/4/2010)

 

ومن أبرز ما ورد في أحد بيانات أصحاب التحرك كحجة لتتثيبتهم حتى من دون مباراة أن لهم الفضل في «التحوُّل الإيجابي الذي حصل في المدرسة الرسمية»، لأن «زملاءنا مدرسي الملاك يعملون بغالبيتهم العظمى إما في الإدارات الحكومية أو مدرسي احتياط وفنون ورياضة وإرشاد صحي وأمناء مكتبات ونحن الذين نمارس مهنة التعليم الفعلية داخل الصفوف».

 

وبالفعل تقدَّمت الحكومة بمرسوم «إحالة مشروع قانون على مجلس النواب يرمي إلى إخضاع متعاقدين بالساعة في مرحلتي الروضة والتعليم الأساسي في المدارس الرسمية لدورة تأهيلية وإعطائهم حق المشاركة في مباريات التعيين في وظيفة مدرّس وتحديد نظام دورات إعداد الناجحين فيها»[41]. وقد أحيل مشروع القانون فعلاًعلى مجلس النواب، لكنه لم يخرج منه، وربما يكون السبب ظهور فوج جديد من المتعاقدين الذين يطالبون بإجراء مباراة محصورة بهم. أي أن الضغوط أصبحت متضاربة بين فئات متنوّعة من المتعاقدين.

 

خامسًا: تضخُّم في عدد المتعاقدين

فهمت الإدارة التربوية الحكومية وإدارات المدارس هذه القوانين والتدابير التي صدَرت تباعًا، وفهمها الراغبون في التعاقد والمتعاقدون فعلاً وفهمها السياسيون، وبدأ التعاقد ينتشر والمتعاقدون يتكاثرون. وكانت واقعة التعاقد مستمرة طوال الفترة الممتدة منذ العام 2001 تاريخ صدور القانون 344 وحتى اليوم، على الرغم من تبدُّل الوزراء والحكومات[42].

العام 2001/2002 كان عدد المتعاقدين في التعليم الأساسي 7614 متعاقدًا، وارتفع العام التالي إلى 8873. وفي التعليم الثانوي إنخفض عدد المتعاقدين من 5345 إلى 4873 خلال السنتين المذكورتين.

ويبين الرسمان البيانيان 2 و3 حول تطوُّر عدد المتعاقدين ونسبهم بين العامين 2001 و2010 أن هذا العدد في جميع مراحل التعليم العام الرسمي لم يقل يومًا عن 12 ألف متعاقد، وأنه وصل العام 2003-2004 إلى ما يقارب 16 ألف متعاقد، شكَّلوا أكثر من ثلث مجموع أفراد الهيئة التعليمية.

 

رسم بياني رقم 2: أعداد المتعاقدين في المدارس الرسمية الابتدائية والمتوسطة والثانوية

المصدر: للأعوام 2001-2002، 2002-2003: تقارير المفتشية العامة التربوية. للأعوام 2003-2004، 2004-2005، 2005-2006، 2006-2007، 2007-2008، 2009-2010: النشرة الاحصائية للمركز التربوي للبحوث والانماء، التي لا تميِّز في جداولها بين معلمي التعليم الأساسي وأساتذة التعليم الثانوي.

ملاحظة: تشمل أعداد المتعاقدين في نشرة المركز التربوي معلِّمين مصنَّفين «تقدمة» (لتعليم الدين بصورة خاصة) لأن أجورهم لا تدفعها الوزارة، بل هيئات محليَّة. وهم يشكلون حوالى 2% من المجموع.

 

رسم بياني رقم 3: نسب المتعاقدين في المدارس الرسمية الابتدائية والمتوسطة والثانوية إلى مجموع المعلمين

 

والملفت في هذه الأرقام ليس حجمها الكبير فحسب بل أنها ظلت تراوح بين 12 و16 ألفًا ولم تقل يومًا عن %30 من مجموع أفراد الهيئة التعليمية.

 

وفي هذه الأرقام والنسب يكمن وجه آخر للتعاقد: أنه لم يسد الحاجة إلى المعلمين وأن هذه الحاجة كأنها لا تسد، على الرغم من أنه جرت عدة مباريات لتعيين المعلمين عُيِّن بنتيجتها ما لايقل عن سبعة آلاف معلم ابتدائي وأستاذ ثانوي خلال السنوات العشر الماضية، أرسلوا في 11 مجموعة متتالية لمتابعة دورات إعداد. إستمرَّ التعاقد واستمر تعيين المتعاقدين وما زال عدد المتعاقدين كبيرًا وما زالت الحاجة قائمة إلى مزيد من المعلِّمين، ما يفرض المزيد من التعاقد مجدّدًا، إلى ما لا نهاية، علمًا أن عدد تلاميذ التعليم الرسمي الأساسي كان يتناقص طوال هذه الفترة! (إنخفض من 351,177 العام 2001/2002 إلى 285,399 العام 2009/2010).

 

لن يفهم هذا السر إلا من يقرأ تقارير المفتشية العامة التربوية مرة ثانية، وخلاصتها أن التعاقد (والتعيين) لا يتم بالضرورة نتيجة حاجة أو لا يسد حاجة بالضرورة، بل أنه كثيرًا ما يزيد الفائض هنا ويبقي الحاجة على حالها هناك، ولا قدرة للوزارة على التحكّم بالأمر. وهذا العجز، يقول تقرير العام 1983، «حمل الوزارة على التوقّف عن طلب تخريج معلِّمين جدد من دور المعلمين وكلية التربية، وعلى اللجوء إلى التعاقد مع مدرسين مرتجلين، قد يحملون مؤهلات علمية أو أكاديمية ولكنهم يفتقدون إلى الإعداد التربوي». أما التدريب فقد نظر إليه المعلمون باعتباره عقوبة[43].

 

يقول تقرير قديم للمفتشية (1984): «كان العام 1976-1977 عام الفرز الطائفي على صعيد التربية والتعليم، فمع ارتفاع حدة التقاتل وانتشاره في غير منطقة وشلل حركة المواصلات صدر عن وزارة التربية دعوة المعلمين إلى الالتحاق في أقرب مدرسة من مكان إقامتهم أو حيث يشعرون بالأمان. ويظهر أن فئة غير قليلة من المدرِّسين قد استغلَّت هذا النداء فأقفلت بعض المناطق على نفسها وتدفّقت أعداد كبيرة إلى المدن وخاصة العاصمة ومركز المحافظات... وعلى الرغم من محاولة وزارة التربية الوطنية الإمساك بزمام الأمور في ما بعد فلقد استمر الوضع على ما كان عليه طوال سنوات الأحداث»[44]. و«الوضع» المقصود يشمل: النقص والفائض معًا والغطاء السياسي لبقاء المعلمين في أماكنهم التي اختاروها.

 

طبعًا إنتهت الحرب واستعادت الوزارة زمام الأمور، لكن يبدو أن «روح» الوضع السابق ما زالت تخيِّم على تعيين المعلمين وتوزيعهم. وثمة معلومات متوافرة منذ ذلك الحين تبيِّن الفائض في المعلمين عمومًا والفائض في المتعاقدين خصوصًا، وهي معلومات تشير بوضوح إلى الاختلال الفاضح في توزيع المعلمين، وتشير في الوقت عينه إلى عدم قدرة الإدارة في وزارة التربية على تسيير الأمور طبقًا لقواعد الفعالية، على الرغم من العديد من المذكرات والقرارات والتعاميم والمراسيم التي صدرت خلال السنوات العشر الأخيرة حول «أصول» التعاقد والنقل من مدرسة إلى أخرى وما إلى ذلك. ربما لأن الضغوط لحماية الوضع الراهن في المدارس هي السائدة، ولأن التحركات ما زالت تولد وتكبر وتحقّق أغراضها في وقت تخضع فيه صناعة القوانين العامة للضغوط طبقًا للمطالب الأهلية.

 

وكما أن التغيّر نحو سياسة التعيين على أساس التعاقد استغرق زمنًا وشهد نزاعات قبل أن تستقر السياسة الجديدة فإن التغيّر نحو سياسة التعيين على أساس الكفاءة والاستحقاق والمساواة والشباب لا يمكن إحداثه بمجرد الدعوة له، أو بالمطالبة بإلغاء التعاقد. فهذه المطالبة قائمة الآن كأنها جزء من السياسة الحالية، وما أدل عليه سوى «الفقرة الزائدة» ودعوة كل فوج من المتعاقدين إلى إلغاء التعاقد بعد تثبيتهم.

 


[1]-     بعض ما ورد في الإعلام حول تحرُّك كتاب العدل:

«ناشد كتّاب عدل لبنان رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء رد اقتراح قانون تثبيت المكلفين مؤقتًا بمهمات كتّاب العدل ككتاب عدل أصيلين، كما أهابوا بوزير العدل بما له من صلاحيات، صون مهنة كتابة العدل. جاء ذلك في البيان الختامي للاجتماع العام لكتّاب العدل في لبنان الذي عقد في 3/6/2012 في فندق LE ROYAL ضبية، بحضور أكثر من مئة وستين كاتب عدل من جميع المحافظات اللبنانية. هذا وسجل كتّاب العدل المجتمعون إعتراضهم الشديد على مشروع القانون «الاستثنائي» الذي أقرّت صوغه لجنة الإدارة والعدل في المجلس النيابي الكريم كما وافقت عليه لجنة المال والموازنة، والمتعلّق بالموظفين والمساعدين القضائيين لدى وزارة العدل المكلّفين مؤقتًا مهمات كتّاب عدل من أجل تعيينهم كتّاب عدل أصيلين من دون مباراة، ومراعاة لشرط السن وذلك خلافًا وخرقًا لقانون تنظيم مهنة كتابة العدل (القانون الرقم 337/1994)، وفي سابقة لم تحصل منذ العام 1979(...).» http: //www.elnashra.com/news/show/482321

 

«خلال الأشهر الماضية، درست لجنة الإدارة والعدل النيابية إقتراح قانون يؤول إلى تثبيت المكلَّفين للعمل ككتاب عدل لفترة لا تقل عن ثلاث سنوات منقطعة أو متواصلة، ككتاب عدل أصيلين. والواقع أن قانون نظام كتاب العدل الصادر العام 1994 أناط بوزير العدل تكليف أحد الموظّفين الدائمين في الوزارة أو أحد المساعدين القضائيين الحامل الإجازة اللبنانية في الحقوق أو أحد المساعدين القانونيين القيام بمهمات كاتب العدل بصورة مؤقتة في أثناء تغيّب كاتب العدل بإجازة أو عند شغور مركزه، وقد ترك القانون للوزير تكليف هؤلاء وفق ما يراه مناسبًا من دون أي معايير أو ضوابط إضافية. وهكذا درج وزراء العدل المتعاقبون على تكليف عدد من الأشخاص بعضهم إستمر تكليفهم لآماد طويلة، غالًبا على أساس معايير الزبونية والمحسوبية على اختلافها.

 

والواقع أن هذا الاقتراح - الذي حمل تواقيع عدد من نواب يمثلون كتلاً متصارعة، فيما يشبه الوحدة الوطنية – يعكس توجهًا خطيرًا جدًا: فهو يعد تجاوزًا لمبدأ المباراة، فالمجلس النيابي بدّل المباراة بالتعيين في عدة مرات سابقًا (تعيين قضاة من دون مباراة في التسعينيات) كما هو يلجأ بشكل اعتيادي شبه منظم إلى حصر المباراة بفئات معيّنة (متعاقدين مثلا) علىالرغم من اعتراضات البعض بتجاوز مبدأ المساواة. الخطير هنا هو الذهاب أبعد من ذلك من خلال ممارسة الصلاحية التشريعية في اتجاه تثبيت أشخاص معيّنين رسب عدد كبير منهم في مباريات كتاب العدل في هذه الوظائف» (نزار صاغية، 2/4/2012) http: //legal-agenda.com/article.php?id=86&lang=ar

[2]-     وزارة التصميم العام، مصلحة النشاطات الإقليمية (1967)، «دور المعلمين والمعلمات الابتدائية».

 

[3]-     المرسوم الرقم 2356 تاريخ 10/12/1971 (المادة 4)

 

[4]-     المرسوم الرقم 6111 تاريخ 10/2/1961

 

[5]-     المرسوم الرقم 6108 تاريخ 5/10/1973، الذي نص على ثلاثة شروط:

- تثبيت هؤلاء المتعاقدين برتبة وراتب مدرس من الدرجة الأخيرة بعد التثبت من كفاءتهم المسلكية والعلمية من قبل لجنة خاصة.

- إعطاؤهم درجة تدرُّج عن كل ثلاث سنوات قضوها في الخدمة قبل التثبيت.

- حظر نقلهم إلى خارج نطاق عملهم في القرى النائية قبل مرور خمس سنوات على تاريخ العمل بالقانون.

[6]-     ثم وضع هذا المشروع موضع التنفيذ بموجب المرسوم الرقم 2271 تاريخ 6/9/1979 الذي قضى بتعيين المتعاقدين المعنيين بوظيفة مدرِّس من الدرجة الأخيرة وإعطائهم درجة تدرُّج عن كل ثلاث سنوات دراسية قضوها بالتعاقد قبل تعيينهم.

 

[7]-     وذلك وفق شروط أبرزها:

- أن يكونوا حائزين شهادة القسم الأول أو القسم الثاني من البكالوريا اللبنانية أو ما يعادل شهادة البكالوريا اللبنانية – القسم الثاني.

- أن يجتاز المتعاقدون الحائزون منهم الشهادة الابتدائية العالية (أي الشهادة المتوسطة) فقط دورة تدريبية مدتها تسعة أشهر.

- أن يعطى المتعاقدون المعنيون، لدى تعيينهم، درجة تدرج عن كل ثلاث سنوات دراسية قضوها بالتعاقد قبل تعيينهم.

- حظر نقل المدرسين المذكورين خارج نطاق المدارس الواقعة في المنطقة الجنوبية الحدودية التي يدرّسون فيها وذلك خلال سبع سنوات، على إلا يطبق هذا الحظر على من يحصل منهم على شهادة البكالوريا التعليمية الأولى.(القانون الرقم 4/81 تاريخ 20/2/1981).

[8]-     بموجب المرسوم الرقم 1833 تاريخ 16/3/1979، (الذي عدل لاحقًا بالمرسوم الرقم 11185 تاريخ 21/10/1997 والمرسوم 3763 تاريخ 31/12/1980)

 

[9]-     المرسوم الرقم 3736 تاريخ 31/12/1980: تنظيم شؤون طلاب شهادة الكفاءة في كلية التربية في الجامعة اللبنانية، وقد عُدِّل لاحقًا بالقانون الرقم 523 تاريخ 16/7/2003 والقانون 360 تاريخ 20/11/2004.

 

[10]-    المادة 94 من المرسوم الاشتراعي الرقم 25 تاريخ 6/2/1953 بالنسبة إلى دار المعلمين والمعلمات، والمادة 48 من المرسوم الاشتراعي الرقم 134 تاريخ 12/6/1959.

 

[11]-    المرسوم الرقم 1517 ÊÇÑíÎ 21/11/1978.

 

[12]-    القانون الرقم 21/82 تاريخ 3/10/1982 «تخويل الحكومة حق تحديد الشروط والأصول العائدة للتعيين والتثبيت والتأهيل التربوي المتعلقة بالمتعاقدين العاملين حاليًا في المدارس الرسمية الابتدائية والمتوسطة وذلك بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء، خلال مهلة ستة أشهر».

 

[13]-    شفيق الوزان. أما وزراء التربية الذين تعاقبوا في الوزارة منذ بداية أزمة تعيين المعلمين العام 1979 حتى نهايتهاالعام 1988 فهم على التوالي:

-       بطرس حرب: من 16-07-1979 حتى 25-10-1980 في حكومة الرئيس سليم الحص في عهد الرئيس الياس سركيس.

-       رينيه معوض: من 25-10-1980 حتى 7-10-1982 في حكومة الرئيس شفيق الوزان في عهد الرئيس الياس سركيس.

-       عصام خوري: من 7-10-1982 حتى 30-04-1984 في حكومة الرئيس شفيق الوزان في عهد الرئيس أمين الجميل.

-       سليم الحص: من 30-04-1984 حتى 22-09-1988 في حكومة الرئيس رشيد كرامي في عهد الرئيس أمين الجميل.

[14]-    المرسوم الرقم 2636 تاريخ 22/8/1985

 

[15]-    كما يأتي:

-       أن يكونوا متعاقدين للتدريس بالساعة خلال العام الدراسي 83 – 84 وأن يكون التعاقد قد جرى معهم ما بين 5/10/1977 وتاريخ العمل بالقانون الرقم 21/82 تاريخ 3/8/1982 واستنادًا إلى المراسيم التي صدرت بهذا الخصوص.

-       أن تتوافر فيهم جميع شروط التوظيف العامة المنصوص عنها في نظام الموظفين.

-       أن يكونوا حائزين شهادة البكالوريا اللبنانية القسم الأول أو الثاني أو ما يعادل القسم الثاني رسميًا أو إفادة الترشيح لشهادة البكالوريا القسم الثاني عن العام 1978.

[16]-    أعُفِي المدرِّسون المتعاقدون مثلاً من شروط الحد الأقصى للسن، وذلك بموجب المرسوم الرقم 3909 تاريخ 3/6/1987.

 

[17]-    الرقم 3910 تاريخ 3/6/1987

 

[18]-    بلغ عدد ساعات التعاقد في الثانويات الرسمية خلال العام الدراسي 1979-1980 ما مجموعه 200123 ساعة (تقرير رئيس مجلس الخدمة المدنية عن أعمال المجلس خلال العام 1980 – صفحة 12و13) وبلغ عدد المتعاقدين بالساعة خلال العام الدراسي 1985-1986، 1309 متعاقدين (جريدة السفير بتاريخ 25/1/1987).

 

[19]-    الصحف في 10/4/1985، 18/9/1985

 

[20]-    الصحف في 8/1/1986

 

[21]-    الصحف في 11/1/1986

 

[22]-    القانون رقم 351 تاريخ 6/7/1994.

 

[23]-    مرسوم 7409، تاريخ 19/10/1995.

 

[24]-    مرسوم 8072 تاريخ 12/3/1996.

 

[25]-    القانون 314 تاريخ 9/4/2001

 

[26]-    الرقم 7654 تاريخ 22/3/2002.

 

[27]-    القانون 344 تاريخ 6/8/2001.

 

[28]-    القانون 386 تاريخ 14/12/2001.

 

[29]-    القانون 442 «أصول التعيين في وظيفة مدرس في مرحلتي الروضة والتعليم الأساسي في المدارس الرسمية» تاريخ 29/7/2002

 

[30]-    المرسوم 12322، تاريخ 23/4/2004.

 

[31]-    القانون 630 تاريخ 20/11/2004.

 

[32]-    التقرير السنوي للمفتشية العامة التربوية للعام 1983، ص 53.

 

[33]-    التقرير السنوي للمفتشية العامة التربوية للعام 1984، ص 47 .

 

[34]-    التقرير السنوي للمفتشية العامة التربوية للعام 2003 (2004) ص 34.

 

[35]-    التقرير السنوي للمفتشية العامة التربوية للعام 2005 (2006)، ص 65.

 

[36]-    التقرير السنوي للمفتشية العامة التربوية للعام 2006 (2007)، ص 39.

 

[37]-    القانون 57 تاريخ 27/12/2008.

 

[38]-    القانون 441 تاريخ 29/7/2002: أصول التعيين في وظيفة أستاذ تعليم ثانوي في المدارس الرسمية.

 

[39]-    القانون 630 تاريخ 20/11/2004.

 

[40]-    القانون 642 تاريخ 20/11/2004.

 

[41]-    المرسوم 4769 تاريخ 2/8/2010

 

[42]-    الوزراء الذين تعاقبوا في هذه الفترة هم:

عبد الرحيم مراد، من: 26-10-2000¡ إلى:  17-4-2003¡ في حكومة الرئيس رفيق الحريري في عهد الرئيس إميل لحود.

سمير الجسر، من: 17-4-2003¡ إلى:  26-10-2004¡ في حكومة الرئيس رفيق الحريري في عهد الرئيس إميل لحود.

سامي منقارة، من: 26-10-2004¡ إلى:  19-4-2005¡ في حكومة الرئيس عمر كرامي في عهد الرئيس إميل لحود.

أسعد رزق، من: 19-4-2005¡ إلى:  19-7-2005¡ في حكومة الرئيس محمد نجيب ميقاتي في عهد الرئيس إميل لحود.

خالد قباني، من: 19-7-2005¡ إلى:  11-7-2008¡ في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في عهد الرئيس إميل لحود.

بهية الحريري، من: 11-7-2008¡ إلى:  9-11-2009¡ في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في عهد الرئيس ميشال سليمان.

حسن منيمنة، من: 09-11-2009¡ إلى:  13-6-2011¡ في حكومة الرئيس سعد الدين الحريري في عهد الرئيس ميشال سليمان.

حسان دياب، من: 13-6-2011¡ -، في حكومة الرئيس محمد نجيب ميقاتي في عهد الرئيس ميشال سليمان.

[43]-    التقرير السنوي للمفتشية العامة التربوية للعام 1983، ص 52.

 

[44]-    التقرير السنوي للمفتشية العامة التربوية للعام 1984، ص 6.

 

The policy of appointing contractual employees in public office in Lebanon:  such as public sector teachers

 

This article aims at describing and analyzing the phenomenon of contractual agreements and the labor of its evolution up to the establishment of the policy of appointing employees based on contractual agreements in public education sector as a direct line toward joining public office. The article tackles the standards which were prevailing as regards to appointing teachers in elementary and secondary cadres before 1975 and how contractual agreements were marginal at that stage and were limited to filling shortages in remote villages and in a limited number of schools and courses. Afterwards, the article discusses the chaos of contractual agreements due to the security conditions after the war in accordance with the prevalent political map and reveals the crisis of appointing thousands of contractual employees in the eighties. Solving this crisis through political pressure resulted in a new path in appointing employees based on contractual agreements and this has negatively affected the path of appointing employees on the basis of graduating from normal schools and the faculty of education. By the late nineties, teachers colleges and the faculty of education lost their roles and the legislators issued a series of laws legislating the appointment in the cadre according to three principles: contractual agreements, absence of internships, non-stipulation of a certain degree (in elementary school) or the stipulation of a degree only in secondary school. These new conditions contradict with the scientific orientations in appointing teachers and with the principles of competence and equality and resorting to fresh graduates.

La politique de la nomination des contractuels dans l’ administration publique au Liban:
exemple les enseignants des écoles publiques

 

Cet article vise à décrire et analyser le phénomène des contractuels, son développement jusqu’à la fixation de la politique de nomination selon le contrat dans le secteur d’enseignement public en tant que démarche principale pour s’affilier au secteur publique. L’article évoque les règlements qui étaient en vigueur dans la nomination des enseignants dans les secteurs élémentaires et secondaires avant la guerre de 1975, et comment le fait d’élaborer un contrat était à la marge lors de cette période, et juste pour remplir le manque dans les villages lointains et dans un nombre limité au niveau des écoles et des matières d’enseignement.
L’article évoque le chaos au niveau des contrats pour des raisons sécuritaires après le déclenchement de la guerre et suite à la carte politique dominante, tout en montrant le problème de la nomination des milliers de contractuels dans les années 80. Ce problème trouva la solution à travers des pressions politiques et un nouveau trajet de nomination apparut se basant sur le contrat. Cela eut un effet négatif sur la nomination en se basant sur les gradués de l’Ecole normale et de la faculté d’Education. Vers la fin des années 90, les Ecoles normales et la faculté d’Education ne fonctionnaient plus, c’est alors que le législateur a émis une série de lois légalisant la nomination dans le cadre d’enseignement en se basant sur trois principes: le contrat, la non préparation éducative, être détenteur de certificat spécifique (pour l’élémentaire) n’est pas une condition obligatoire ou être seulement détenteur de licence pour le niveau secondaire. Ces nouvelles conditions ne se concordent pas avec les tendances mondiales au niveau de la nomination des enseignants, ni avec les principes de compétence, d’égalité, et d’avoir recours aux jeunes gradués.