محمد دهشة

معاناة الصيادين لا تنتهي: كراتين "الفلّين" تحاصر مراكبهم

14 تشرين الثاني 2022

02 : 00

كراتين «الفلّين» في ميناء الصيادين

معاناة صيادي الأسماك في صيدا لا تنتهي، تتكرّر بين حين وآخر، كحكايتهم مع البحر ومخاطره، ومن فصولها انّهم تفاجأوا بكميات كبيرة من الأوساخ وخاصة منها كراتين «الفلّين» البيضاء التي توّضب فيها الأسماك المبردة، تطفو على سطح مياه الميناء بالقرب من المراكب في مشهد مقزز، قبل أن يتبين أن بعض الباعة الناشطين على خط بيع الأسماك المبردة، قد ألقوها على الرصيف المحاذي للميناء.

وقد أثار إلقاء هذه الكراتين ضجّة بين الصيادين والناشطين البيئيين لما تمثّله مهنة الصيد من مصدر رزق لمئات الصيداويين، وتحرّكت القوى الأمنية وسطّرت محضراً، وجالت قوة من مخابرات الجيش اللبناني ومن مفرزة الشواطئ في قوى الأمن الداخلي، في المكان للتحقيق وكشف الفاعلين.

ورجّح نقيب الصيادين في صيدا نزيه سنبل لـ»نداء الوطن»، أن يكون بعض الباعة الذين يعرضون أسماكهم المبرّدة بالقرب من الميناء قد فعلوا ذلك، حيث يضعونها في كراتين من «الفلّين»، بينما صيادو الأسماك ينقلون غلّتهم من البحر عبر صناديق خشبية، معتبراً أنّه «تصرّف فردي وغير مسؤول ويجب أن ينتهي فوراً»، داعياً القوى الأمنية الى القيام بواجبها.

وقال سنبل: «إنّ معاناة الصيادين لا تنتهي، في السابق عانوا من جبل النفايات الذي كان يلفظ أوساخه في البحر فتتمزّق الشباك وتتلف المحرّكات، ثم من نفوق كمّيات من الأسماك الصغيرة التي كانت تطفو قرب مراكبهم بسبب تلوث الميناء بمياه الصرف الصحّي جرّاء إنقطاع التيار الكهربائي وتوقّف محطة التكرير وصبّ مجاري مياه الصرف الصحي غير المعالجة مباشرة في الميناء».

وفي شباط الماضي، حاولت القوى الأمنية إزالة عشرات بسطات بائعي الأسماك المبرّدة قرب الميناء ولكنها قُوبلت بإعتراضٍ كبيرٍ، بعدما رفض الباعة القرار واعتبروا أنه يقطع أرزاقهم في ظل أسوأ أزمة إقتصادية يمرّ بها لبنان، وأقفلوا الطريق البحري بوجه السيارات والشاحنات إحتجاجاً وانتهى القرار بتركهم شرط البقاء قرب الرصيف وليس في طرف الطريق والمحافظة على النظافة. ويحرص الباعة على الفصل بين الأسماك الطازجة التي تُباع عادة في «الميرة»، سوق البيع بالجملة، وبالمزاد العلني، وبين الأسماك المبرّدة التي تُباع على طول الطريق البحري من الميناء حتى سينيق جنوباً، وباتت تلاقي رواجاً بسبب الأزمة المعيشية ورخص أسعارها قياساً على الطازجة، بينما ينتظر صيادو الأسماك بفارغ الصبر الإنتهاء من بناء «الميرة» الجديدة المموّلة من الحكومة البريطانية، وبالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبر الدولة اللبنانية بالتنسيق مع بلدية صيدا ونقابة الصيادين، بعدما تمّ تهديم القديمة في بداية حزيران الماضي.


ويؤكد سنبل «أنّ بناء سوق السمك الجديد سيكون متطوراً وحديثاً بهدف دعم الصيادين في صيدا من خلال بناء غرف لهم مع توفير معدّات للصيد، على أن تستغرق مدّة التنفيذ خمسة أشهر فقط، وقد جرى نقل سوق السمك، «الميرة» حالياً وبشكل موقّت، إلى رصيف ميناء الصيادين بعد إنشاء هنغار مع خيمة لبيع السمك الطازج كالمعتاد ريثما يعاد بناء السوق الأساسي».

وحتى اليوم، لا يزال نحو 240 صيّاداً يعملون على أكثر من 140 مركباً في الميناء، يكسبون لقمة عيشهم ويساهمون في الوقت نفسه بالحفاظ على جزء أساسي من إرث المدينة، إذ يتمسّكون بالمهنة ويمنعون إندثارها رغم التحّديات الكثيرة التي تواجههم، ومتروكون لمصيرهم من دون دعم لمساعدتهم للتغلب على صعوبة الحياة وأزماتها.


MISS 3